كلمـــة ....و...... سلاح
قلم لسان صاحبه التزم الهدوء والسكينة.........بندقية على كتف حاملها متراصة الطلقات
حجر بيمنى البدوي المسافر....مسننة... كثيرة النتوءات والنبوءات......
تلكم ثـــــــــــــــــلاث............
مهمة ثقيلة على عاتق حاملها ........أو في صدره شيئ .............؟
أجل.... ما تيسر من كلام الحكيم الخبير...من آي الذكر من لدن سميع بصير, وما قال الأجداد
وقبلهم ممن سمعوا وحفظوا ....فسادوا وقادوا من هم اليوم فكهون...في سمر...في سهر...
في سكر....في برك آسنة مياهها ...عفا عنها الزمن وتبرأ منها الدهر, وقد بدا لنا هذا هو جوهر التحضر ....ولعمرك ما كان للبغلة من [ مهر]......؟
-/ دس قلمك لئلا يحل أجلك..؟ فإن أنت أظهرته مرة ثانية سأقتلك............
-/ أحقا ما تقو أيها الرجل ..؟ أنزع البندقية من على كتفك قبل أن أقذفك........
-/ ها أنت قد بصمت , وآن لي أن أكبر عليك أربعا..............
-/ دعن أصلي ركعتين ..لا تقاطعن قبل أن استبين.. ؟ حتى وإن أنت رأيت مني دموعا...
-/ أسرع فجعجعة الرصاص في أوج قعقعتها تكاد تنطلق في الحين....؟
-/ أترى ذلك السراب المتوهج لمعانه ...؟ دونه المنية , وبعده يقف متربصا القدر ....قدر رب العالمين...
-/ قشعريرة سرت في جسدي ...جمدت أصبع يدي ...الضاغط على الزناد ...ما أنا بقادر على الضغط , ولا حتى على التصويب والتسديد
-/ ضع بندقيتك جانبا ...؟ وخذ حجرا من حجارة هذا الوادي ..؟
-/ أضع بندقيتي التي هي حاميتي ..؟ والتقط حجرا بدلها..؟ من أنت أيها البدوي ....؟
-/ قلتها ....أنا البدوي ...عابر سبيل ...طالب تبديل ... ما على لساني إلا ذكر وتهليل...
وما أراك إلا في نشوة ..غفوة...هفوة... تقف على شفا حفرة من نار ...اعتل تلك الربوة..؟
تبصر آيات التنزيل..........
-/ ما أنا بقادر على أن أتركك حيا وإلا فأنا القتيل......؟.
-/ دع عنك هذا الهوس ..؟ وهيا افعل ما أمرت بفعله ..؟ فلا ضير ولا خير في بقائي حيا
إن عشت دون فرسي.. وقوسي... وأمي... وأناسي...
-/ لا أرى عليك ما تقول ..؟ أأصابك هلع..؟ فرحت تهذي جزعا وفزعا....
-/ ليس بي ما ذكرت؟وفيما أنت به فكرت.... فغاية الأمر ونهاية السفر...قبلتي والتي قومي بادروها بالهجر ....إنها تبكي بلا دموع.. وفي صمت رهيب تئن... وبذل وخشوع ...
فيا حسرتي إن لم أتوسد طهارة قبلتي ..قبلتي نصب عيني جعلتها وجهتي..........
شيئان عزيزان علي في حياتي قبل مماتي.........
-/ ما هما أيها البدوي ..أسرع فقد أضعت الكثير من الوقت , وما تلك بسنتي......؟
-/ رويدك يا صاحب النار والدمار .. ما أظنك إلا من فلول التتار...؟ رأفة بي فلست بنجس وليس بي من عار .......
أما الشيئ الأول هو ستر مستور في أعمق بؤر الأحاسيس والشعور ..لا يطلع عليه أحد من إنس وجن , ولا فحل الصقور هو بين قلبي وربي...........
أما الثاني هو ما أوصاني به ربي .أمي التي تنتظرني في خيمتي ... في روضة من رياض باديتي ...إنها تعد بياض الأيام وسواد الليالي لرؤيتي ....كم أنا مشتاق إليك يا والدتي ....؟
-/ أهذان الشيئان العزيزان لديك يا بدوي.؟
-/ إي وربي .أليس لك كبد يحن...؟ أليس لك قلب يتمنى ولا يمن...؟ إنها أمي الأم الحنون ..
فكم هي عظيمة أمي ...؟ لأسراري كاتمة...في دموعي سابحة هائمة..... بين سعي وطواف رافقتها ...بين تلبية وهتاف صاحبتها.. وعلى الرجم أعنتها فالتقطت لها حصاها ....وحين تعبت على ظهري حملتها ... اليوم هي هناك وأنا اليوم هنا الباكي ..المشتكي... كم من مآس قست..؟
كم من سهرات سهرت؟.. كم تألمت ..؟ كم صمتت ووطأة الألم تشدها وأنا عاجز عن تطبيبها..
نظرت إلي والمغص يخضها ....ابتسمت في وجهي..مسكت بمعصمي... ضغطت على يدي من ضعف...... وكانت بذلك كأنها تودعني , وكنت غافلا عما كتب بين الأجفان ...لم أنتبه ..لم أنتبه..لم أنتبه.................
ما أرى طعما لعيش حياة بعد ...حتى أتوسد مهدا أو لحدا...لعل سرا لم تبح بها وقتها ......
أخذته معها ... إلى الأبد..إلى ألأبد..........
إني الآن على ربوة يا أمي ...فكفي عني إن قدرت غمي وألمي ...فمن يلم شتات الأهل
ويجمع بيني وبين شملي إن لم تكوني أنت يا أمي ... وأنا اليوم ليس بوسعي إلا الدعاء لك
اللهم يا رب ارحم موتى المؤمنين والمؤمنات ..ولا تحرمنا شفاعة نبيك محمد – صلاة ربي وسلامه عليه- ذاك النبي الأمي ...........................................
أفقهت قولي .يا من أمرت بقتلي ...........؟ عد لأمك إن هي لازالت تعي وتسمع , فما أفضل من صحبة لها في هذه الدنيا ..؟ وتشبث بأطراف لحافها ..؟ وقبل قدميها قبل يديها ...؟ تفز ورب الكعبة برضاها .... وما رضاها إلا من رضا رب العالمين ......
(وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا .......)
-/ سلمت يا بدوي ..وسلم لسانك, فقد قتلتني قتلتين بكلامك , أستودعك ...أستودعك الله , سمعت
نداء أمي ....لبيك يا خيرا يا أمي ....
إبراهيم تايحي