معذرة سيدتي المرأة
الكيد يبقى كيد وإن أحاطوه بأكبادهم ... وإن غطوه تحت أجفانهم .... وإن دسوه تحت ألسنتهم
يبقى الكيد كيد . ..وإن تعددت أسماؤه , وتنوعت أشكاله .... فريحه فحيح من إفرازات الجحيم
قالوا أن العين كيد......... قلت: نعم شرر ووعيد....
واللسان هل هو أيضا كيد..؟... قلت : بلى جمر وجليد...
واليد هي الأخرى كيد...؟ تبطش بالقلم وتحرف الكلم وتوقظ الألم وتسقي أفئدة الآمنين بصديد وحمإ وحمم .... ويبقى الكيد كيد.......
معذرة سيدتي المرأة ...إني هنا لا أعنيك- أنت سيدتي- بمعنى ولا قصد ولا إشارة ولا تلميح
لا أجافيك فأنت الأم وأنت الصديقة .. أنت الأخت وأنت الرفيقة .. أنت مربية الأجيال ومهذبة عقول الرجال .. فكوني كما عهدتك ..للفضيلة والعفة والطهر والحشمة مهدا لا تهزه العواصف ولا تخدش جوانبه الزواحف, ولا تزحزحه السفاسف.... لك رب بك يرأف ...
معذرة سيدتي المرأة فقد غرت بي نفسي حسدا ونكدا , فاختلست منك تلك الصفة, ولن أعيدها لك مطلقا ... لا تنتظري؟ لا تفكري .؟
حيث قناعي هش سقط وتهلهل , وكادت ملامح بشاعة منظري تتعرى أمام الأنام , كما تعرت أشجارنا اليوم وتبرأت من أوراقها بعدما اصفرت واضمحل ما بداخلها ..... وحق لها لأنها مغلوبة على أمرها .. ولا غرو في ذلك فهذا فصل العري والجفاف والإجحاف والحقد والضغينة .هذا زمن الزيف ألسنا في فصل الخريف....؟
بالأمس القريب ألبسوك إياها وقالوا ها هي المذنبة ...ها هي المخطئة ...ها هي.....
سيدتي المرأة إني هنا لست مادحك ولا بمدافع عنك , فأنت أهل لهذا وذاك ..إنما معضدك ومسندك وحاميك بعد الله . لماذا؟ لأن نبي الرحمة –صلاة ربي وسلامه عليه- أوصانا بك خيرا فهل نحن لوصيته بمحافظين..؟ هل نحن لأمنا حواء بمقرين ...؟ وهل بربنا بمؤمنين؟
عذرا سيدتي المرأة قد اغتصبوا منك حقك ونازعوك فيه إفكا وبهتانا ....وجردوك من سلاحك , وهل كان غير الحياء للمرأة سلاحا وأمانا ؟ وهم لكل ما ذكر متقولون............
وقد قادتني رجلاي إلى مضارب الحس والدس ومنه القارس والقارص , فما ألفيت إلا حشرات آدمية تجوس وتتحسس , مؤتمرة بأوامر قرد يقوده غراب ..تحسبه ذئاب... بفتيل من أذناب من جيفة وبقايا أوهام وسراب ......
وقفت تجاه قدري ..أحاوره وبيني وبينه ما قاله حكيم .فما قال حكيم هذا اليوم لهؤلاء القوم
[ يا معشر العشيرة لكم في حكمة النملة ما يبقي وجودكم ويحفظ ماء وجوهكم ....ولكم في وحشية النمر ما يبقي ضرعكم وحرثكم ..ولكم في في عدالة الغرابيب ما يهديكم إلى إفشاء السلام وتحكيم العقل وصون الحقوق ...........
لكم فيهم دستور حياتكم ومعاملاتكم وعلاقاتكم ..فلا تجنحوا فتميل مركبكم وبصخور الشاطئ تصطدم فتتكسر منكم مجاديفكم فتمسوا طعما سائغا للحيتان .. وما أحن حيتان البحار من حيتان ألأنهار............. لكم بالنهار سبحا فاغتنموه ربحا, ولكم بالليل سكونا فاتخذوه تسامحا وأمنا
أعطوا الحق لصاحبه والقوس لباريها فالنبال المعكوفة الرأس تعود على راميها .....
لا تبخسوا الناس أشياءهم ؟ ولا تفزعوا الحمام في أوكارها ؟ ولكم في الأولين العبر .....
إن كنت اليوم بينكم فغدا لا .. وإن كنت غدا فبعده كلا .. وجرى القلم باسم ربه فأنا رميم
ليس إلا .. ثم يوم اللقاء صفا أمام رب العالمين .........
فما أعددتم لهذا اليوم وهذا اللقاء ؟ اتق الله أيها المتتبع لعورات خلق الله ؟ أيها المرتجف أيها الميت الحي ...... فكما تدين تدان......... أتأتي بصفائح من طين لتنقش عليها طلاسم من سير الغابرين؟ وتستعير الأقلام كلام الفقراء والمساكين ... وترتدي ريشا غير ريشك وعلى عينيك عدسات العمى من كبد الظلام .....من رحم الأيام ..من أنات الأيتام .. وتقول أنك من النسك الصيام ..........وأنت في كل هذا تمزق إربا إربا أمعاء البائسين ...........]
هذا ما قاله حكيم القوم للقوم ...
معذرة سيدتي المرأة .....أخذوا منك كل شيئ وأرادوا أن يظهروك نعتا بالمذنبة , وهم في بؤرة الذنوب والآثام لمن المسحرين.....وألبسوك حلة ضاقت بها بطونهم التي لم تبقر , ولكن لسحت المعاني لم تبقي ولم تذر ...........
معذرة سيدتي المرأة وأنا أول المعتذرين.......
إبراهيم تايحي