النصف من رمضان
...ها هو قد مضى وانقضى النصف من شهر رمضان, وها نحن نستعد للاحتفاء به-كما جرت العادة – ولست أدري هل هذا الذي ننوي القيام به سنة حميدة سنها الآباء والأجداد عن السلف الصالح أم أنها غير ذلك ؟ على كل حال (..إنما الأعمال بالنيات ....) هذا إذا انحصر العمل في إطاره الشرعي . وما دفعني للكتابة عن هذا الا لفت الانتباه وشحذ العزائم والهمم للتدبر في آيات من آيات الله سبحانه وتعالى في الكون , وأعني بها سورة الانشقاق ,[ وأعني بها الآيات الأربع التي جاءت في بداية الثلث الأخير من هذه السورة المكية والتي عدد آياتها خمس وعشرون آية
وقد سميت بهذا الاسم لاستدلالها بإحدى وعلامات الساعة وهي انشقاق السماء.
( فلا أقسم بالشفق* والليل وما وسق* والقمر إذا اتسق* لتركبن طبقا عن طبق) 16/19
ومن أقوال المفسرين في تفسير الآيات السابقة , ذكر ابن كثير – رحمه الله- ما مختصره
قال علي وابن عباس [ الشفق : الحمرة] ( وما وسق) قال ابن عباس ومجاهد : وما جمع
( والقمر إذا اتسق) قال ابن عباس : إذا اجتمع واستوى.
( لتركبن طبقا عن طبق) قال البخاري قال ابن عباس : حالا بعد حال –قال هذا نبيكم – صلى الله عليه وسلم.
وجاء في صفوة التفاسير لصاحبه الشيخ /محمد علي الصابوني/ -جزاه الله خيرا-
( فلا أقسم بالشفق ) – لا- لتأكيد القسم , أي فأقسم قسما مؤكدا بحمرة الأفق بعد غروب الشمس ( والليل وما وسق) أي الليل وما جمع وضم إليه , وما لف في ظلمته من الناس والدواب والهوام .
قال المفسرون: الليل يسكن فيه كل الخلق ويجمع ما كان منتشرا في النهار , فكل يأوي إلى مكانه وسربه.
ويأتي جواب القسم ( ...بالشفق والليل وما وسق والقمر إذا اتسق)= ( لتركبن طبقا عن طبق)
أي حال بعد حال – [عن] هنا تفيد معنى بعد- من حشرجة الموت إلى ظلمة القبر ووحشته وحسابه وجزائه ثم تدمير الكون بأسره مع الاحتفاظ ببقايا كل منا فيه, ثم إعادة خلق أرض غير أرضنا – مع احتواء ذرات أرضنا فيها- وخلق سماوات غير السماوات المحيطة بنا ثم التعرض لهول البعث وفزعه ولأهوال الحشر والحساب والميزان والصراط ثم الخلود في الحياة القادمة إلى أبد الآبدين.].
ما سبق من حديث والذي حصنته ما بين هلالين نقلته ولست قائله ولا مجتهدا فيه عن منتدى أنصار السنة , ونظرا لطوله , فقد اكتفيت بقليل من كثير , اسأل الله العلي العظيم الا يؤاخذني على ذلك .
ونأتي لخلاصة ذلك كله وما القصد منه على وجه التخصيص ؟ فالقمر في هذه الفترة يكون قد اكتمل وتم نوره وصار بدرا أو ما يسمى بالليالي البيض . كما هو الشأن في أيام التشريق التي تعقب مباشرة يوم عيد الأضحى , فلك الحمد والشكر كما ينبغي لجلال وجهك وعظمة سلطانك
ما أبلغهما ... البيض... التشريق... ثم ما أعظم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في صيام الست من شوال ... ثم تبقى حلاقات الإيمان ملتحمة لمن أراد شكورا وحمد وذكر الله كثيرا
صوم الاثنين والخميس ... حيث تعرض عليه صلاة ربي وسلامه عليه أعمال أمته
وها هو البدر قد تبدى لكل ذي بصر وبصيرة , ولا بد أنه مرتحل وعائد إلى ما كان عليه
سنة الله في ملكه وحده لا شريك له . ويبقى في قلبي سؤال يهزني هزا بين رغبة ورهبة
اللهم لا تحرمنا فضله وتقبل اللهم منا صيامه وقيامه وتجاوز عما قصرنا إننا عبادك أبناء عبادك أبناء إمائك . وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه ومن اقتدى بهم إلى يوم الدين.
وسلم تسليما , ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
ابراهيم تايحي