الحمد لله القائل (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الحجرات:10)
والصلاة والسلام على رسول الله صلـّى الله عليه وسلـّم القائل :
المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان في حاجة أخيه ؛ كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة ؛ فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ومن ستر مسلما ؛ ستره الله يوم القيامة ( السلسة الصحيحة للألباني رحمه الله تعالى))
وبعد فنعم أحبابي ما أجمل أن يسعى المؤمن أن يكون بريد خير للإصلاح بين الإخوة كيف لا وقد قال تعالى ما ذكرتـُه في بداية موضوعي ،
كيف لا وإنّ الشيطان همـّه الأكبر بعد الكفر بالله تعالى أن يفرّق بين المؤمنين ،
أليس حبيبنا صلـّى الله عليه وسلـّم قال:
إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم ( السلسة الصحيحة للألباني رحمه الله تعالى))
نعم عباد الله إن الشيطان بعدما يئس أن يعبده المسلمون سعى جاهدا للتحريش بينهم ،
وسبحانك ربّي ما أعظمك وأعظم كتابك وقولك :
(وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) (يوسف:100)
هنا بيت القصيد فالشيطان لا ييأس من الإيقاع بين المؤمنين فيجعل المسلم المظلوم من أخيه يغضب ويغضب وتنتفخ أوداجه غضبا لنفسه كيف يفعل بي فلان كذا وكذا .
ويا ليته قال والله لأرغمنّ أنف الشيطان ولأبدأنّ أخي بالسلام عملا بحديث رسول الإسلام:
عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخوانا ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث
رواه مالك والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي ورواه مسلم والطبراني وزاد فيه ( صحيح لغيره ) يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهم الذي يبدأ بالسلام والذي يبدأ بالسلام يسبق إلى الجنة .
نعم إخوتاه المسلم وقـّاف عند حدود الله يسمع قال الله قال الرسول فيقول سمعنا وأطعنا ،
يقرأ في القرآن قصـّة يوسف عليه السلام وعفوه عن إخوته ،
ويقرأ سيرة الحبيب صلـى الله عليه وسلـّم ويقرأ قول الله تعالى في أبي بكر رضي الله عنه عندما عفا عن مسطح رضي الله عنه في القصة المشهورة في حادثة الإفك فعندما قرأ وسمع أبو بكر قول الله تعالى (وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (النور:22)
فعندما سمع قوله تعالى :
(وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )
لم يتلكـّأ ولم يفكـّر ولم يستشر بل أسرع وقال بلى يا ربّي بلى يا ربّي وعفا عن مسطح رضي الله عنه .
لعلّ قائلا يقول وما علاقة هذا الكلام بعنوان موضوعك ؟؟!!
فأقول نعم عباد الله تعالى سأشرح لكم ولكن مهلا مهلا عليّ ، فأقول :
قال تعالى : (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) (الضحى:11)
فتحدّثا بنعم الله عليّ (( وأسأله تعالى القبول )) أعانني الله بفضله وكرمه ومنـّه على الشيطان والنـّفس والهوى واستطعتُ بحمد الله تعالى على الخاص أن أنزع من قلب أخوين أحبّهما في الله تعالى من قلبيهما حظّ الشيطان وما ذلك إلاّ بتوفيق الله تعالى ثمّ تجاوب الأخوين الكريمين بحمد الله وكرمه .
فوالله السعادة في قلبي كبيرة ولم أستطع أن أنام قبل أن أبشـّركم جميعا بهذا الخبر (( طبعا لن أذكر أبدا أبدا لأحد ولا على الخاص من هما الأخوين))
فيا أحبابي جميعا أقول لكم تأسـّوا بأخويكم واقتدوا بهما فمن كان في قلبه شيء على أخيه فليكن شعاره
(( اللهمّ تصدقتُ بعرضي على إخواني))
فوالله إنّ هذه الكلمات بإذنه تعالى ترغم أنف الشيطان وتجعله يتحسـّر أنّ قد أنجا الله بفضله المتخاصمين من مكره (( مكر الشيطان))
نعم إخوتاه لنا في رسول الله صلـّى الله عليه وسلـّم وصحبه الكرام ثمّ الصالحين من أمـّتنا أسوة حسنة فلنقتدي بهذه الأسوة الحسنة ولنتمسّك بهديه صلـّى الله عليه وسلـّم بالتـّعامل مع إخواننا ولنضع نصب أعيننا قول الله تعالى :
(وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )
(وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (الشورى:43)
(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (آل عمران:159)
( فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (المائدة:13)
وآيات أخرى كثيرة بالإضافة للآية الأولى في موضوعي:
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الحجرات:10)
ولنتذكـّر دائما دائما دائما وأبدا وأبدا قول الله تعالى مخبرا عن يوسف عليه السلام
(...... مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) (يوسف:100)
نعم إن وضعنا نصب أعيننا هذه الآيات وسيرة الحبيب صلـّى الله عليه وسلـّم وفعل أصحابه رضوان الله عليهم ثمّ الصالحين من أمـّتنا لفزنا فوزا عظيما .
وأختم بهذه القصة حدثت مع أخوين أعرفهما :
قدّر الله تعالى أن يحدث سوء تفاهم بينهما وأقسم بالله تعالى أنّ الحقّ على أحدهما كان واضحا وجليّا بشهادة كلّ من حضروا المشكلة فتهجـّم المخطىء على الآخر وضربه أمام الجميع و آذاه والله كثيرا ثمّ قدّر الله أن يفهمه الإخوة أنـّه المخطىء بليون % وعملوا اجتماعا لهما وألزموهما بالحضور فوالله ما كاد أحد الإخوة الساعين للصلح أن ينطق ببعض الكلمات عن الصلح إلاّ وقام المضروب والمعتدى عليه وقبـّلَ الأخ الضارب وعانقه وسط دهشة الجميع .
فيا أخي الحبيب المسلم أقول لك هل تظنّ أنّ الأخ المضروب قد خسر بفعله ؟
هل أصبح بعين الإخوة حقيرا ذليلا ضعيفا ؟
هل وهل وهل ؟؟
لا والله بإذنه تعالى ما زاده ذلك إلاّ رفعة وحبـّا من إخوانه وأسأله تعالى أن يكون كذلك عند ربّه جلّ في علاه .
اللهمّ وفـّق كلّ المتخاصمين للحبّ فيك والعودة إليك والصفح عن إخوانهم ((ما لم يكن كفرا بواحا له من الله تعالى فيه برهان )).
اللهمّ تقبـّل عملي هذا واجعله خالصا لوجهك الكريم واصرف عنـّي خصوصا وعن إخواني عموما النـّفاق والرياء والشقاق وسوء الأخلاق .
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين وأفضل الصلاة وأتمّ التـّسليم على المبعوث رحمة للعامين وعلى آله وصحبه أجمعين