لم يستحق الرئيس اوباما الجائزة لأنه أقام سلاما للعالم في حجم الولايات المتحدة، لكن مانحو جائزة نوبل يشجعونه على تنفيذ وعوده الانتخابية، ويدفعون أميركا للاستمرار في جهدها الدبلوماسي وإنهاء التهديدات بالحرب، وهي سياسة أميركا في السنوات الثماني التي جعلت من عهد بوش، عهد التهديد المستمر لكل بؤر الاضطراب التي تسببت بها واشنطن من كوريا، إلى إيران، إلى فلسطين، إلى العراق، إلى السودان!!.
اوباما يستحق جائزة نوبل للسلام، لأنه بدأ بتبييض وجه بلده الملطخ بالدم، فالأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى، ومثلما أخذت الحروب الباردة والساخنة عقودا طويلة، فان الإفريقي الأميركي الذي جاء إلى ارفع منصب في الولايات المتحدة، يحتاج إلى الوقت، ليضمد جراح أميركا أولا وجراح العالم، وإذا كان هناك في وطننا من تصور بأن اوباما سيضرب بيد من حديد على العدوانية الصهيونية، فان أحدا لا يستطيع أن يمنع سذاجة هذا التصور، فالوجود الصهيوني ليس هنا في فلسطين وعلى تخوم سوريا ولبنان والأردن ومصر.. وإنما هو داخل أحشاء التركيبة السياسية والدينية الأميركية.. وقد حاول مساعدو اوباما تحريك الكونغرس ضد الحلف الإسرائيلي لتوفير الرئيس من ردة الفعل الصهيونية التي لا تحلل ولا تحرم، لكن الكونغرس تحرك ببطء وبتردد، مما أتاح لنتنياهو محاولة تشويه الرئيس، الأمر الذي أصبح مكشوفا، فاللوبي الصهيوني هو الذي أثار قضية المتدربة اليهودية مع الرئيس كلينتون في الوقت الذي كان فيه الرئيس ينشط مع الفلسطينيين ومع السوريين لتحقيق سلاح مقبول في المنطقة، وهو اللوبي الذي اسقط أقوى رئيس أميركي في حقل السياسة الخارجية ريتشارد نيكسون، وحرم الرئيس جيمي كارتر الأنقى والأنظف من رئاسة ثانية حتى بعد جهده الأسطوري لإقامة سلام بين مصر وإسرائيل!!.
لجنة الجائزة في ستوكهولم، أعطت جوائز نوبل للسلام لشخصيات خلافية، ولعل جائزة عام 2004 للرئيس كارتر كانت استنكارا أخلاقيا في مواجهة جنون القوة للرئيس بوش، وجائزة السلام لمناحيم بيغن أو لشمعون بيريز وإسحاق رابين من باب التشجيع على السلام، وأعطت لمحمد البرادعي المصري الجائزة لأنه قاوم الضغوط الأميركية في قضية أسلحة الدمار الشامل في العراق.
باراك يستحق جائزة نوبل، فما يزال العالم يأمل في رؤية الحلم الذي أثاره إفريقي، يزور قبر والده في قرية بكينيا، ويهتم قبل يوم من نجاحه بجدته الأميركية البيضاء، ويقف في القاهرة عارضا السلام على العرب والمسلمين.. اعترافا منه بأن هناك من يشن الحرب عليهم!!.
*نقلاً عن صحيفة "الرأي" الأردنية