--------------------------------------------------------------------------------
إذا هب بعض الأفراد من الشعوب العربية لنجدة الشعب العراقى المسلم وقاموا بالتسلل إلى العراق من أجل مساندة المجاهدين هناك قال الحكام العرب إنه عمل مرفوض وتدخلاً فى شئون العراق الداخلية وطالبوا بتنسيق المواقف وإغلاق الحدود وإحكام السيطرة على حركة المجاهدين ومنعهم من تأدية ما أمرنا الله به ، بينما إذا تدخل الحكام العرب فى شئون العراق الداخلية وعقدوا من أجل ذلك المؤتمرات الدولية المشبوهة والتى كان آخرها مؤتمر شرم الشيخ .. قالوا إن هذا الأمر يعد من الأمور الوجيهة والأعمال الصالحة التى تنقذ العراق من محنته وتقيله من عثرته .
وهذا هو العمل المنوط بالحكام على وجه التحديد والذى يتلخص دائمًا فى ضبط حركة الشعوب وتزييف الحقائق ومنع المدد عن المناطق الإسلامية التى يتعرض سكانها لحرب إبادة ومجازر جماعية ... تلك وظيفة الحكام التى من أجلها وضعتهم أمريكا فى الحكم وأكسبتهم الشرعية الدولية رغم أنف شعوبهم .
وعلى الجميع أن يدرك أن الذى يحمى حدود إسرائيل منذ قيامها حتى الآن هم الحكام العرب ، ولو رفعوا عنها هذا الغطاء وهذا الدعم الغير منظور لانتهت إسرائيل من غير حرب أو قتال ... إنهم لا يحموننا من الصهاينة والأمريكان مثلما يدعى بعض المثقفون الخونة ، لكنهم يحمون أمريكا وإسرائيل من غضبتنا ، ويقفون حراسًا علينا من أجل منعنا من الجهاد ، فكل قوى البغى مجتمعة لا تقوى على حرب العصابات أو المقاومة الشعبية حتى وإن قويت على الجيوش والحروب النظامية .. كل قوى الاستكبار والاستعمار خرجت من البلدان التى استعمرتها عن طريق المقاومة الشعبية وليست الجيوش النظامية ، وأكثر ما يثير حفيظة أمريكا وإسرائيل وكل قوى البغى هو تنامى المقاومة الشعبية فى الدول المحتلة ، ولذلك فإنهم لا يتورعوا أبدًا عن إلصاق كل التهم والجرائم بالمقاومين والمجاهدين ، ويربطوا بقاء الحاكم فى الحكم بمقدار سيطرته على حركة الشعوب وإحكام قبضته عليها .
وفى العراق الآن توجد مقاومة شعبية جبارة لا تجد نظام يردعها ويودع رجالها السجون والمعتقلات مثلما هو حادث فى معظم البلدان العربية ... من أجل ذلك كانت دعوة أمريكا للحكام العرب للقيام بمهام إضافية مدفوعة الأجر للسيطرة على أعمال المقاومة العراقية إلى أن يتم تثبيت أقدام الخونة هناك وإسناد هذه الأعمال إليهم ، وتلك هى الفكرة التى أقيمت على أساسها اجتماعات شرم الشيخ .
والرئيس مبارك بمؤتمر شرم الشيخ لم يقدم جديدًا ولم يفعل شيئـًا من تلقاء نفسه لأنه أضعف من ذلك ، إنما ينفذ مطلبًا أمريكيًا لا يقوى على فعله غير مبارك ، ولذلك استنكر المصريون عن بكرة أبيهم هذا العمل المشين الذى يكرس للاحتلال ويُمكن للخونة ويضر بالمقاومة العراقية العظيمة ويطعنها من الخلف ..
يقول الشيخ حارث الضارى ـ الأمين العام لهيئة علماء المسلمين فى العراق : ( إن مؤتمر شرم الشيخ لن يحقق شيئـًا للشعب العراقى ونحن لا نؤمل عليه شيئـًا لأنه أقيم من أجل إعانة الاحتلال وتقويته على ما يواجهه من صعوبات فى العراق ) .
يا للعار المصرى ... ويا للبلاء الذى ابتلينا به على يد حاكم أصبح مثل الذى صدمته سيارة وبات لا يعرف نهاره من ليله ولا شرقه من غربه ولا يمينه من يساره !!
إن المصيبة التى نشعر بها كمصريين تكمن فى ان الرئيس مبارك لا يدرك بحال من الأحوال أنه يمثل مصر بتاريخها وحضارتها وموقعها وقيمتها ويتصرف وكأنه يمثل شركة تجارية لا تبحث إلا عن مصالحها .
لقد ساءت سمعة مصر كثيرًا على المستوى الدولى وأصبحنا بفعل سياسات مبارك لا نمثل أى ثقل فى الأحداث إلا بالقدر الذى يخدم مصالح أمريكا ، ولا أدرى متى يفيق مبارك من غفلته ويوضح : ما الذى يريده من الأمة على وجه التحديد ؟!! ... إن فى إفاقة مبارك إفاقة للأمة كلها ، والأحداث التى تمر بالأمة لو قرأها مبارك قراءة واعية ومتأنية سيدرك أن التاريخ قد أعطى لمبارك فرصة العمر التى لو أحسن استغلالها لكان له شأنـًا آخر وأصبح واحدًا من أعظم قادة العالم ، حيث أن الشعوب العربية كلها ـ وليست مصر وحدها ـ باتت مهيئة للجهاد وأن كثيرًا من بلدان العالم سئمت من جرائم أمريكا وأفعالها القبيحة وتتمنى لو ظهرت قيادة واعية فى المنطقة تعمل على التصدى لهذا الظلم والقهر الأمريكى ، وبطبيعة الحال كانت القيادة المصرية هى المرشحة الأولى لقيادة هذا العمل الجهادى على مستوى المنطقة ، لكن مبارك أبى إلا أن يظل تابعًا للسياسة الأمريكية أمينـًا على مصالح أمريكا فى المنطقة ، وبدلاً من أن يقوم اعوجاج حكام الخليج قوموا هم اعتداله وجعلوه أكثر إعوجاجًا منهم وأصبحوا سواسية فى العار والرذيلة .
وعلى أية حال وجب على مبارك أن يدرك جيدًا أنه ليس من حقه بحال من الأحوال أن ينفرد بالقرارات المصيرية التى تمس أمن دول الجوار وتحدد مستقبلها السياسى دون وضع الشعب المصرى فى الاعتبار وتحقيق مطالبه .. عليه أن يدرك أن هناك فرق كبير بين المواطن المصرى والمواطن الخليجى ، والفرق يكمن فى عمق الدولة المصرية وتاريخها فى الكفاح والمساندة ، وكذلك فى العيشة السوداء التى نحياها ما بين المرض والبطالة والقهر الأمنى وبين ما ينعم به الآخرون من رخاء وسخاء ولهو زائف قد يؤجل انتفاضتهم على حكامهم لحين إشعار آخر ... نحن فى مصر ليس لدينا ما نخشى عليه فقد أصبحنا أفقر شعوب الأرض وأكثرها مرضًا وجهلاً ، وهذا لو تعلمون خطير فالمارد المصرى لو تحرك ونظر بعينيه وانتفض فلن توجد قوة على سطح الأرض تستطيع أن تنال منه .
لابد أن يضع مبارك هذا الشعب فى الاعتبار ولابد أن يحترم مشاعره التى لم يعد يحسب لها أى حساب بسبب ركونه للقبضة الأمنية التى تبتلع دخل البلاد ، وعليه أن يدرك أيضًا أن العبث بأمن العراق يمس أمننا الوطنى وأن العراق العربى بكل تأكيد هو أفضل من العراق العبرى الذى تريده أمريكا .
ي/ ......
2 منقول