12:43
تركة عبد الناصر أين ذهبت ؟ و كيف تبددت ؟ ! .............. عمرو صابح
قامت ثورة 23 يوليو 1952 بقيادة جمال عبد الناصر فى ظروف محلية و عربية وإقليمية بالغة الخطورة ، كانت مصر مجتمع تسوده العلاقات شبه الإقطاعية و الرأسمالية المتخلفة ، وكان المحتل البريطانى يسيطر على كل مقدرات البلاد السياسية والاقتصادية و الاجتماعية مدعوما بجيش الاحتلال المكون من 80 ألف جندى بريطانى ، ومن الطبقة العميلة التى أنشأها من المصريين ، ومن الجاليات الأجنبية التى استوطنت مصر لتمص خيراتها وتنهب ثرواتها ، ومن الأسرة المالكة الدخيلة التى غرقت فى الفساد والانحلال ، وأصبحت فضائحها على كل لسان ، وكان حزب الوفد قد تخلى عن قيادة الحركة الوطنية منذ موقفه المعيب فى 4 فبراير 1942 ، وأصبح حزبا للأغنياء جدا ، وظهرت انتماءاته اليمنية الرجعية المعادية لمصالح الأغلبية ، كان المشروع القومى لحكومة الوفد الأخيرة قبل الثورة هو مكافحة الحفاء ، هل توجد مهانة تعادل ذلك ؟ ، وكانت قوى سياسية أخرى كالإخوان المسلمين والشيوعيين والاشتراكيين تتحرك على الساحة ، ولكنها جميعا كانت عاجزة عن التحرك الجدى لإشعال ثورة تستولى بها على النظام السياسى المترنح والمأزوم ، وجاء حريق القاهرة فى 26 يناير 1952 كإعلان إفلاس لما أصطلح على تسميته الحقبة الليبرالية فى تاريخ مصر
المعاصر من 1923 – 1952 وعلى الساحة العربية تفتت الوطن العربى إلى دول ودويلات واقعة تحت سيطرة الاستعمار الإنجليزى والفرنسى والأمريكى الجديد والداخل إلى المنطقة بعد الحرب العالمية الثانية وكانت إسرائيل قد تم زرعها عنوة فى قلب العالم العربى على أرض فلسطين لتفصل العالم العربى لمشرق ومغرب ولتعمل كقاعدة إمبريالية لحماية مصالح الغرب فى هم منطقة إستراتيجية بالنسبة له حيث أنها مخزون النفط الأول فى العالم ، ولوأد أى مشروع نهضوى عصرى قومى فى الوطن العربى وعلى الصعيد العالمى كانت الحرب الباردة مشتعلة بين المعسكرين الرأسمالى و الإشتراكى على مناطق النفوذ وفرض السيطرة فى تلك الظروف تفجرت ثورة عبد الناصر فى مصر ، عندما تسلم عبد الناصر حكم مصر كانت مصر دولة فقيرة متخلفة صناعيا ، محصولها الزراعى الأساسى هو القطن الذى كان حكرا بيد طبقة من الإقطاعيين والمضاربين والأجانب ، كان الاقتصاد المصرى متخلف وتابع للاحتكارات الرأسمالية الأجنبية ، كان هناك 960 شخصا فقط يسيطرون على كل الوظائف الأساسية فى مجالس إدارات الشركات الصناعية ، من بين هؤلاء نجد 265 مصرى فقط ، وكان بنك باركليز الإنجليزى يسيطر وحده على 56 % من الودائع ، وكان بنك مصر قد تمت السيطرة عليه من جانب رؤوس الأموال الإنجليزية والأمريكية كان الاقتصاد المصرى عاجزا بسبب ارتباطه بالمصالح الأجنبية عن طريق البنوك و شركات التأمين والتجارة الخارجية فى الصادرات والواردات وكانت كل مرافق الاقتصاد المصرى بيد الأجانب واليهود ، الأمر الذى دعا الإقتصادى المصرى الكبير الدكتور عبد الجليل العمرى أن يصفه : ( لقد كان الاقتصاد المصرى كبقرة ترعى فى أرض مصر ، ولكن ضروعها كانت كلها تحلب خارج مصر ) إن الوثائق تقدم لنا حقائق حالكة السواد عن أوضاع مصر الداخلية قبل الثورة ، كانت أخر ميزانية للدولة عام 1952 تظهر عجزا قدره 39 مليون جنيه ، كما أن مخصصات الاستثمار فى مشروعات جديدة طبقا للميزانية سواء بواسطة الدولة أو القطاع الخاص كانت صفرا ، كما أن أرصدة مصر من الجنيه الإسترلينى المستحق لها فى مقابل كل ما قدمته من سلع وخدمات وطرق مواصلات لخدمة المجهود الحربى البريطانى أثناء الحرب العالمية الثانية ،وكان يبلغ 400 مليون جنيه إسترلينى قد تم تبديده ولم يتبق منه إلا 80 مليون جنيه إسترلينى ، ( أثارت جريدة الوفد فى الثمانينيات هذه القضية ، أن مصر كانت دائنة لبريطانيا قبل الثورة ، الحقيقة أن بريطانيا طوال حكم الرئيس عبد الناصر جمدت هذا المبلغ ورفضت صرفه لمصر نكاية فى عبد الناصر وسياساته ضدها ، ولم تفرج عنه إلا فى منتصف السبعينيات فى عهد السادات الذى أعترف بذلك فى مذكراته ) وكان النهب الذى لحق بالأرض الزراعية فى مصر طوال القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين ، نهب احتكرته الأسرة المالكة فى البداية ثم أباحت نصيبا منه للمرابين الأجانب ، ولطبقة من المصريين محدودة جدا عملت على خلقها لكى تكون ظهيرا لها أمام الغالبية ، ثم أحتل الإنجليز مصر عام 1882 فعملوا على خلق طبقة تدين لهم بالولاء وتتبنى نمطهم الحضارى ووزعوا على أفرادها ألوف الأفدنة ، فى ظل ظروف مريبة وشديدة القسوة على الفلاح المصرى المقهور الذى تم تركه فريسة للجهل والفقر والمرض ، لا يمتلك إلا جلبابا واحدا ، ولا يجد قوت يومه ، ويعامل كالعبيد لخدمة أسياده من الإقطاعيين وكانت شركة قناة السويس تجسد المأساة المصرية بكل أبعادها ، القناة التى حفرت فى أرض مصر و بأيدى عشرات الآلاف من المصريين الذين جرت دماؤهم فيها قبل أن تجرى مياه البحر ، تم سرقتها من مصر ، وأصبحت شركة قناة السويس دولة داخل الدولة لها علم خاص وشفرة خاصة وجهاز مخابرات خاص وحى خاص محرم دخوله على المصريين ، وكان رئيس الشركة يعامل كرؤساء الدول محاطا بكل مراسم التبجيل والاحترام ، هذه الشركة دفعت من أموال مصر 400 مليون جنيه إسترلينى لدعم الجهد العسكرى للحلفاء أثناء الحرب العالمية الثانية ، كما قامت بدفع مبالغ مالية طائلة تقدر بعشرات الملايين للحركة الصهيونية فى فلسطين كتبرعات داعمة للمشروع القومى لليهود ، وبعد قيام إسرائيل أقامت معها إدارة شركة قناة السويس مكاتب للتنسيق المعلوماتى والمخابراتى بالتعاون مع جهاز الموساد ، كما واصلت دفع الأموال للكيان الصهيونى دعما له0، وكانت خططها المستقبلية كلها مرتكزة على تمديد عقد امتياز القناة لمدة 99 عاما جديد كانت خيرات و ثروات مصر مسلوبة من أهلها، تمتصها طبقات عميلة وأسرة حاكمة دخيلة وأجانب مربون ويهود مستغلون، لم تكن مصر ملكا لأهلها لم تكن لمصر سياسة خارجية مستقلة ، كانت سياستها تدور فى فلك الساسة البريطانية ، وعندما قرر الملك فاروق أن يدخل حرب فلسطين ، فشل الجيش فى المعركة ، بسبب خيانة الجيوش العربية الأخرى ، ونقص الاستعداد ، وغياب الكفاءة عن القيادات ، وسوء الخطط ، وترتب على الهزيمة ضياع 78 % من مساحة فلسطين التاريخية ، وإقامة الدولة اللقيطة تسلم جمال عبد الناصر الحكم فى مصر وأوضاعها بهذا الشكل المأساوى وبعد طرد الملك فاروق فى 26 يوليو 1952 ، صدر قانون الإصلاح الزراعى الأول فى 9 سبتمبر 1952يتكون القانون من 6 أبواب تشمل 40 مادة ، حددت المادة الأولى الحد الأقصى للملكية الزراعية بـ 200 فدان للفرد، وسمحت المادة الرابعة للمالك أن يهب أولاده مائة فدان. وقد سمح القانون للملاك ببيع أراضيهم الزائدة عن الحد الأقصى لمن يريدون، وأعطى لهم الحق في تجنب أراضي الآخرين المبيعة. كما قرر القانون صرف تعويضات للملاك، فلقد قدرت أثمان الأراضي بعشرة أمثال قيمتها الإيجارية، وأضيف إليها الملكيات والتجهيزات الأخرى (الأشجار والآلات …) القائمة على الأرض بقيم عالية. ونظم صرف التعويضات بسحب مستندات على الحكومة تسدد على مدى ثلاثين عاما بفائدة سنوية قدرها . وقرر القانون توزيع الأراضي الزائدة على صغار الفلاحين بواقع (2 إلى 5 أفدنة) على أن يسددوا ثمن هذه الأراضي على أقساط لمدة ثلاثين عاما وبفائدة 3% سنويا، يضاف إليها 1.5% من الثمن الكلي للأرض؛ وفاء للموجودات التي كانت على الأرض (الأشجار الآلات... الخ). وتناول الباب الثاني من القانون تنظيم الجمعيات التعاونية في الأراضي الموزعة. أما الباب الرابع فقد حدد عددا من الإجراءات لمنع تفتيت الأراضي الموزعة، كما حدد ضريبة جديدة للأرض. وتناول الفصل الخامس العلاقة بين الملاك والمستأجرين. أما الفصل السادس والأخير فيتعلق بوضع حد أدنى لأجور عمال الزراعة، وبإعطائهم الحق في تنظيم نقاباتهم الزراعية. وبلغ مجموع الأراضي التي يطبق عليها قانون سبتمبر سنة 1952 مساحة 653,736 ألف فدان تنتمي إلى 1789 مالكا كبيرا، ولكن الأرض التي طبق عليها القانون في واقع الأمر بلغت 372,305 آلاف فدان، أما البقية وهي حوالي النصف فقد قام الملاك ببيعها بأساليبهم الخاصة حتى أكتوبر سنة 1953 حينما ألغت الحكومة النص الذي كان يتيح للملاك بيعها بأساليبهم ، ثم صدر قانون الاصلاح الزراعى الثانى عام 1961وهو القانون رقم 127 لسنة (1380هـ=1961م)، وأهم ما في هذا القانون هو جعل الحد الأقصى لملكية الفرد 100 فدان، يضاف إليها 50 فدانا لبقية الأسرة (الأولاد) للانتفاع فقط، وتحريم أي مبيعات للأرض من المالك لأبنائه، كما ألغى القانون الاستثناءات السابقة الخاصة بالأراضي قليلة الخصوبة. وتقدر الأراضي التي آلت إلى "الإصلاح الزراعي" نتيجة هذا القانون بـ214,132 ألف فدان، ثم صدر قانون الإصلاح الزراعى الثالث عام 1969 وهو القانون رقم 50 لسنة 1969 والذي جعل الحد الأقصى لملكية الفرد 50 فدانا. على أن هذا القانون الأخير لم يجد فرصة للتطبيق في واقع الأمر. وتقول الإحصائيات الرسمية بأنه حتى سنة 1969 تم توزيع 989,184 ألف فدان على الفلاحين منها 775,018 ألف فدان تم الاستيلاء عليها وفقا لقوانين الإصلاح الزراعي، و184,411 ألف فدان كانت تتبع بعض المؤسسات المختلف، أما الباقي وقدره 29,755 ألف فدان كان حصيلة أراضي لطرح لنيل، ووفقا لنفس هذه الإحصائيات الرسمية فقد وزعت تلك الأراضي على 325,670 ألف أسرة ، تم إنشاء الجمعيات الزراعية فى كل قرى مصر ، وقامت الدولة عبر هذه الجمعيات بعمل نظام تخطيط شامل للزراعة على امتداد الجمهورية فتولت الدولة تحديد أنواع المحاصيل المزروعة وقدمت للفلاحين البذور والمبيدات و الأسمدة ، كما قامت بشراء المحاصيل من الفلاحين ، وكان أضخم وأهم مشروعات الثورة وهو السد العالى من أجل الزراعة فى المقام الأول حيث وفر كميات المياه اللازمة لتحويل رى الحياض إلى رى دائم ، وبفضله تم استصلاح ما يقرب من 2 مليون فدان استطاعت مصر فى عهد عبد الناصر أن تحقق الاكتفاء الذاتى من كل محاصيلها الزراعية ماعدا القمح الذى حققت منه 80% من احتياجاتها ، وفى عام 1969 وصل إنتاج مصر من القطن إلى 10 ملايين و800 ألف قنطار ، وهو أعلى رقم لإنتاج محصول القطن فى تاريخ الزراعة المصرية على الإطلاق وصلت المساحة المزروعة أرز فى مصر إلى ما يزيد على مليون فدان ،وهى أعلى مساحة زرعت فى تاريخ مصر، تم تجربة زراعة أنواع جديدة من القمح كالقمح المكسيكى ، والقمح جيزة 155 كان الأهم و الأعظم من كل ذلك هو التغير الذى طرأ على أوضاع الفلاح المصرى وأسرته حيث دخلت المدارس والوحدات الصحية إلى القرى وارتفعت نسبة الوعى و التعليم فى الريف بفضل الثورة وفى المجال الصناعى تم إنشاء المجلس الدائم لتنمية الإنتاج القومى فى سبتمبر 1952 ، قام المجلس بإصدار خطة الاستثمارات العامة فى يوليو 1953 وهى خطة طموحة لمدة 4 سنوات بدأت بمقتضاها الدولة باستصلاح الأراضى أ وبناء مشروعات الصناعات الثقيلة كالحديد والصلب ، و شركة الأسمدة كيما ، ومصانع إطارات السيارات الكاوتشوك ، ومصانع عربات السكك الحديدية سيماف ، ومصانع الكابلات الكهربائية ، وبعد السد العالى، وفى الستينات تم مد خطوط الكهرباء من أسوان إلى الإسكندرية ، كم تم بناء المناجم فى أسوان ، والواحات البحرية ، وتم تمويل كل هذه المشروعات ذاتيا فى 26 يوليو 1956 أمم الرئيس جمال عبد الناصر شركة قناة السويس وردها إلى مصر ، وعقب العدوان الثلاثى تم تمصير وتأميم ومصادرة الأموال البريطانية والفرنسية فى مصر ، وتم إنشاء المؤسسة الاقتصادية عام 1957، و التى تعتبر النواة الأولى للقطاع العام المصرى ، وألت إليها كل المؤسسات الأجنبية الممصرة ، وفى 13 فبراير 1960 أمم الرئيس عبد الناصر بنك مصر أكبر مصرف تجارى فى البلاد وكل الشركات الصناعية المرتبطة ، بعدما سقط هذا الصرح العملاق تحت سيطرة الاحتكارات البريطانية و الأمريكية ، وفى يوليو 1961 صدرت القرارات الاشتراكية ، وبد واضحا أن النظام يتجه نحو نوع من الاقتصاد المخطط تحت إشراف الدولة وبقيادة القطاع العام ، استطاعت مصر عبر تلك الإجراءات تحقيق نسبة نمو من عام 1957 – 1967 بلغت ما يقرب من 7 % سنويا ومصدر هذا الرقم تقرير البنك الدولى رقم [870 - أ] عن مصر، الصادر فى واشنطن بتاريخ 5 يناير 1976، وهذا يعنى يعنى أن مصر استطاعت فى عشر سنوات من عصر عبد الناصر أن تقوم بتنمية تماثل أربعة أضعاف ما استطاعت تحقيقه فى الأربعين سنة السابقة على عصر عبد الناصر، كانت تلك نتيجةً لا مثيل لها فى العالم النامى كله، حيث لم يزد معدل التنمية السنوى فى أكثر بلدانه المستقلة خلال تلك الفترة عن اثنين ونصف فى المائة ، بل أن هذه النسبة كان يعز مثيلها فى العالم المتقدم، باستثناء اليابان، وألمانيا الغربية، ومجموعة الدول الشيوعية. و فى يوم 5 يونيو 1967 جاء يوم الحساب لتجربة ومشروع جمال عبد الناصر فى الحرب التى وصفها الرئيس الفرنسى شارل ديجول بأنها ( المعركة أمريكية و الأداء إسرائيلى ) ، ورغم عنف الضربة وفداحة الهزيمة العسكرية ، هل انهارت مصر وانتهت كما يحاول بعض العملاء من مدمنى تكريس الهزيمة إقناعنا ، أن حرب 1967 هى سبب كل مشاكل مصر ، بإلقاء نظرة على أوضاع مصر عقب الهزيمة يتضح لنا الأتى تحمل الاقتصاد المصرى إتمام بناء مشروع السد العالى، ولم يكتمل بناء هذا السد إلا سنة 1970 قبيل وفاة الرئيس عبد الناصر ، السد العالى الذى اختارته الأمم المتحدة عام 2000 كأعظم مشروع هندسى و تنموى فى القرن العشرين،كما تم بناء مجمع مصانع الألمونيوم فى نجع حمادى وهو مشروع عملاق بلغت تكلفته ما يقرب من 3 مليار جنيه ، وفى ظل النكسة حافظت مصر على نسبة النمو الإقتصادى قبل النكسة ، بل أن هذه النسبة زادت فى عامى 1969 و 1970 وبلغت 8 % سنويا ، وأستطاع الاقتصاد المصرى عام 1969 أن يحقق زيادة لصالح ميزانه التجارى ،لأول و أخر مرة فى تاريخ مصر ، بفائض قدرها 46,9 مليون جنية بأسعار ذلك الزمان ، تحمل الاقتصاد المصرى عبء إعادة بناء الجيش المصرى من الصفر ، وبدون مديونيات خارجية ،كانت المحلات المصرية تعرض وتبيع منتجات مصرية من مأكولات وملابس وأثاث و أجهزة كهربية ، وكان الرئيس عبد الناصر يفخر أنه يرتدى بدل وقمصان غزل المحلة ، ويستخدم الأجهزة الكهربائية المصرية ( ايديال ) ، وبدأت مصر مع الهند و يوغوسلافيا مشروعا طموحا لتصنيع الطائرات والصواريخ والمحركات النفاثة وحتى سنة 1967 كانت مصر متفوقة على الهند فى صناعة الطائرات والمحركات النفاثة ، وتم صنع الطائرة النفاثة المصرية القاهرة 300 ، وصنعت أول صاروخين من إنتاجها بمساعدة علماء الصواريخ الألمان ولكن شابهما عيوب فى أجهزة التوجيه ، فى عام 1966 كان الفارق بين البرنامج النووى المصرى ، ونظيره الإسرائيلى عام ونصف لصالح البرنامج النووى الإسرائيلى، للأسف الشديد بعد وفاة الرئيس عبد الناصر ، أوقف الرئيس السادات كل هذه المشاريع ووأدها ، ولننظر الأن إلى أى مدى وصلت الهند فى مجال الصواريخ ، والطائرات ، والسلاح النووى ترصد تقارير البنك الدولى بعض مظاهر التحول الاجتماعى العميق الذى شهدته مصر مابين عامى 1952- 1970، حيث زادت مساحة الأرض الزراعية بأكثر من 15% ، ولأول مرة تسبق الزيادة فى رقعة الأرض الزراعية الزيادة فى عدد السكان ، لقد كان جمال عبد الناصر أول حاكم مصرى منذ عهد الفراعنة يوسع رقعة وادى النيل، وزاد عدد الشباب فى المدارس والجامعات ، والمعاهد العليا بأكثر من 300 % ، زادت مساحة الأراضى المملوكة لفئة صغار الفلاحين من 2,1 مليون فدان إلى حوالى 4 مليون فدان ، حدث تقدم ملحوظ فى مجال المساواة ، والعدالة الاجتماعية فى المدن أيضا بفعل الضرائب ، ووضع حدود دنيا وعليا للرواتب، والمرتبات،فلا أحد يعيش برفاهة وبذخ ، ولا أحد يعيش دون مستوى الكفاف 0 وقبيل وفاة الرئيس عبد الناصر أتمت مصر بناء حائط الصواريخ الشهير ، وبقبول الرئيس لمبادرة روجرز ،أستطاع أبطال القوات المسلحة تحريك الحائط حتى حافة قناة السويس ، وبذلك تم إلغاء دور الطيران الاسرائيلى ذراع إسرائيل الطويلة فى الهجوم على مصر غرب قناة السويس ، وبذلك أصبح اندلاع حرب التحرير،وعبور الجيش المصرى للضفة الشرقية مسألة وقت ، كان الرئيس عبد الناصر يقدرها بزمن لا يتأخر عن أبريل 1971، وقبيل وفاة الرئيس صدق على الخطة جرانيت 1 ، وهى خطة العبور التى نفذت فى ظهيرة يوم 6 أكتوبر 1973، كما صدق على الخطة 200 ، وهى الخطة الدفاعية التى تحسبت لحدوث ثغرة فى المفصل الحرج بين الجيشين الثانى والثالث المصرى ، ومن عجائب القدر أن الثغرة حدثت كما توقعت الخطة بالضبط عقب قرار السادات المتأخر بتطوير الهجوم المصرى ، صعدت روح الرئيس عبد الناصر إلى بارئها ، ومصر اقتصادها أقوى من الاقتصاد الكورى الجنوبى ، وثمن القطاع العام الذى بناه المصريون فى عهد الرئيس عبد الناصر بتقديرات البنك الدولى 1400 مليار دولار ، وعدد المصانع التى أنشأت بلغ مايقرب من 1200 مصنع ، وتم بناء السد العالى أعظم مشروع هندسى وتنموى فى القرن العشرين باختيار الأمم المتحدة ، وتم خفض نسبة الأمية من 80% قبل 1952 إلى 50% عام 1970 ، وبفضل مجانية التعليم فى كل مراحله ، وتم دخول الكهرباء والمياه النظيفة ، والمدارس ، والوحدات الصحية ، والجمعيات الزراعية إلى كل قرى مصر ، وتم ضمان التأمين الصحى ، والإجتماعى لكل مواطن مصرى ،كل ذلك بدون ديون ، فمصر فى ليلة وفاة الرئيس عبد الناصر كانت ديونها صفر، ولم تكن عملتها مرتبطة بالدولار ، بل كان الجنيه المصرى يساوى 3 دولارات، ودخلت مصر حرب أكتوبر ، وهى محكومة بكل أليات النظام الناصرى ، القطاع العام الذى يقود التنمية ، والجيش المصرى الذى بناه عبد الناصر عقب الهزيمة ، وحائط الصواريخ الذى حركه عبد الناصر لحافة القناة قبيل وفاته،والخطط العسكرية الموضوعة منذ عهده ، لم يكن فيما قام به الرئيس عبد الناصر معجزة ، أو أمر خارق للمألوف ، بل إن ذلك هو الطبيعى لبلد مثل مصر حباه الله كل المميزات ، والإمكانيات ، والثروات ، ليصبح دولة كبرى ، أمتزج موقع مصر العبقرى ،وإمكاناتها ،وثرواتها، مع نزاهة الرئيس عبد الناصر ، وبعد نظره ، ووطنيته ، وذكاؤه ، وثاقب فكره ، مما أدى لكل هذا النجاح ، الذى تم فى فترة محدودة بعمر الزمن، لا تزيد عن 18 عام ، شابتها الكثير من المؤامرات ، والحروب لاجهاض المشروع الناصرى ، وبوفاة الرئيس عبد الناصر ، والانقلاب الذى تم فى السياسات المصرية عقب حرب أكتوبر 1973، بدأت معاول الهدم تضرب فى الصرح العملاق لتركة الرئيس عبد الناصر فى مصر ، ومازالت تضرب حتى الآن ، فى هذا المقال تناولت تركة الرئيس عبد الناصر فى مصر وعلى الصعيد الداخلى ، فى المقالات القادمة أتناول تركة الرئيس عبد الناصر على صعيد السياسة الخارجية ، والعلاقات مع القوتين العظميين ، والعالم الثالث ، والعالم العربى بقلم :عمرو صابح
http://www.alfikralarabi.org/modules.php?name=News&file=article&sid=5758--------------------------------------------------------------------------------
سليم حجار
09-13-2009, 01:18
الاسلام في عهد جمال عبد الناصر
بقلم : عمرو صابح
الخليفة الراشد عمر بن الخطاب هو أول من بدأ جمع القرأن فى مصحف ، والخليفة الراشد عثمان بن عفان هو صاحب أول مصحف تم جمع وترتيب سور القرأن الكريم به ، و الرئيس جمال عبد الناصر هو أول رئيس مسلم يتم فى عهده جمع القرآن الكريم مسموعا فى شرائط و أسطوانات بأصوات القراء المصريين.
لنلقي نظرة أكثر شمولا على أوضاع الدين الإسلامى فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر...
- فى عهد الزعيم الخالد جمال عبد الناصر تم زيادة عدد المساجد فى مصر من أحد عشر ألف مسجد قبل الثورة إلى واحد عشرين ألف مسجد عام 1970،أى أنه فى فترة حكم 18 سنة لعبد الناصر تم بناء عدد عشرة ألاف مسجد وهو ما يعادل عدد المساجد التى بنيت فى مصر منذ الفتح الإسلامى وحتى عهد عبد الناصر.
- تم جعل الدين مادة إجبارية يترتب عليها النجاح و الرسوب.
- تم تطوير الأزهر الشريف وتحويله لجامعة عصرية تدرس فيها العلوم الطبيعية بجانب الدراسة الدينية.
- أنشأ عبد الناصر منظمة المؤتمر الإسلامى التى جمعت كل الشعوب الإسلامية.
- أنشأ عبد الناصر مدينة البعوث الإسلامية التى كان ومازال يدرس فيها عشرات الألاف من الطلاب المسلمين.
- فى عهد عبد الناصر تم ترجمة القرآن الكريم إلى كل لغات العالم.
- فى عهد عبد الناصر تم إنشاء إذاعة القرآن الكريم التى تذيع القرآن على مدار اليوم.
- فى عهد جمال عبد الناصر تم تسجيل القرآن كاملا على أسطوانات وشرائط للمرة الأولى فى التاريخ وتم توزيع
القرآن مسجلا فى كل أنحاء العالم
فى عهد عبد الناصر تم تنظيم مسابقات تحفيظ القرأن الكريم على مستوى الجمهورية ، والعالم العربى ، والعالم الاسلامى ، وكان الرئيس عبد الناصر يوزع بنفسه الجوائز على حفظة القرأن.
- فى عهدعبد الناصر تم وضع موسوعة جمال عبد الناصر للفقه الإسلامى والتى ضمت كل علوم وفقه الدين الحنيف فى عشرات المجلدات وتم توزيعها فى العالم كله.
- فى عهد عبد الناصر تم بناء آلاف المعاهد الأزهرية والدينية فى مصر وتم إفتتاح فروع لجامعة الأزهر فى العديد من الدول الإسلامية .
- ساند جمال عبد الناصر كل الدول العربية والإسلامية فى كفاحها ضد الإستعمار.
أن مادة التربية الإسلامية أصبحت لأول مرة في تاريخ مصر الحديث مادة إجبارية في المدارس بينما كانت اختيارية في النظام الملكي ولا يمتحن فيها الطلاب.
وفي عهد عبد الناصر صدر قانون بتحريم القمار ومنعه، كما أصدر قراره بإغلاق كل المحافل الماسونية ونوادى الروتارى كما ألغى الدعارة التى كانت مقننة فى العهد الملكى وتدفع العاهرات ضرائب للحكومة مقابل الحصول على رخصة العمل والكشف الطبى
وصلت الفتاة لأول مرة إلى التعليم الديني في عهد عبد الناصر حيث تم افتتاح معاهد أزهرية للفتيات، وأقيمت مسابقات عديدة في كل المدن لتحفيظ القرآن الكريم، وطبعت ملايين النسخ من القرآن، وأهديت إلى البلاد الإسلامية وأوفدت البعثات للتعريف بالإسلام في كل أفريقيا، كما تمت طباعة كل كتب التراث الإسلامية في مطابع الدولة طبعات شعبية لتكون في متناول الجميع، فيما تم تسجيل المصحف المرتل لأول مرة بأصوات كبار المقريين.
كان جمال عبد الناصر دائم الحرص على أداء الصلاة يومياً مع زملائه وموظفي مكتبه في القيادة، كما كان حريصاً أيضاً على أداء فريضة صلاة الجمعة مع المواطنين، وأنشأ مدينة البحوث الإسلامية على مساحة ثلاثين فداناً تضم طلاباً قادمين من سبعين دولة إسلامية يتعلمون في الأزهر بالمجان ويقيمون فيها إقامة كاملة بالمجان أيضاً، وقد زودت المدينة بكل الإمكانيات الحديثة وقفز عدد الطلاب المسلمين في الأزهر من خارج مصر إلى عشرات الأضعاف، وأقام عبد الناصر جامعة حديثة عملاقة اسماها (الأزهر) التي حافظت على الأزهر القديم
هذه بعض أعمال الزعيم الخالد جمال عبد الناصر فى خدمة الإسلام ، الإسلام ليس هو حسن البنا و لا سيد قطب ولا الأخوان المسلمين ولا كل الجماعات المتأسلمة
--------------------------------------------------------------------------------
فى السياق .. كان جمال عبد الناصر عـيـنة حـية ودامغة وقاطعة للإنسان المتسق مع نفسه ، المتصالح معها ، الواثق بها عـن يقين ، المبصر أبصاراً حاداً لما يؤمن بـه ولما يعـتـقـده ، المطهر من أمراض الغرور والنرجسية والتعالى ( خاصة وقد امتلك على أرض الواقع كل ما يعطى لتلك الأمراض فرص الظهور والإفصاح والتوطن .. المحصن ـ بالبناء النفسى والأخلاقى ـ ضـد كل أنواع الإنحرافات التى تجرف وتصرع من امتلك ما امتلكه من سلطة ، ومن جلس فى مكانه .
لم يكن بالقطع نبياً ، ولا ملاكاً .. بل كان بكل القطع ـ وتلك قيمته ـ إنساناً قوياً ثابتاً على ما يرى ، عفيفاً وشريفاً ومدافعاً حتى الشهاة عن الحق ، ومقاوماً حتى الشهادة ـ أيضاً ضـد العدوان .
محمد يوسف
--------------------------------------------------------------------------------
vBulletin® v3.6.8, Copyright ©2000-2010, Upgraded By : Rami Elias S. Suleiman