لقد سمعتم عن المؤتمر الذي عقد سنة ألف وثمانمائة وسبع وتسعين في مدينة (بال) بسويسرا . هذا المؤتمر حضره حكماء اليهود في أنحاء العالم ودعا إليه زعيمهم في ذلك الوقت (تيوردود هرتزل) , وكان مؤتمراً سرياً ودعا إليه زعماء اليهود في كل أقطار الأرض وذهب هؤلاء الزعماء إلى هذا المكان وفي ذلك التوقيت ؛ ليخططوا ليكون لهم مستقبل ويكون للعالم نهاية, وبدأوا بوضع قوانين وأفكارا ومخططات ؛ ليسيطروا على العالم في وقت ما حددوه في ذلك اللقاء ,ووضعوا ما سُمِّيَ بعد ذلك ب (بروتوكولات حكماء صهيون) .
وظلت هذه المعلومات سرية حتى تُرْجِمَت إلى اللغة الروسية بعد أن استطاع أحد الروس أن يحصل على هذه المعلومات خفية وترجمها إلى اللغة الروسية , ولكنها لم تنل حظها من الشهرة إلا بعد ترجمتها إلى اللغة الإنجليزية، حيث انتشرت ترجمتها إلى كل لغات العالم .
ومن ينظر إلى هذه المخططات يرى أن اليهود قاموا بالتخطيط ليسير عليه العالم كما خططوا ، وفي البداية كان اليهود يوجهون الأمور مباشرة , ثم أصبح بعد ذلك من أبناء المسلمين من يحافظ على أفكار اليهود , ومن أبناء النصارى من يحافظ على أفكار اليهود , وبدأت أفكار ومخططات اليهود تنتشر في كل مكان كما وضعوها .
ولابد من قراءة هذا المخطط ليعرف المسلمون أن ما يحدث حولهم هو مخطط من قبل ذلك، وما حدث من أحداث لم يكن اعتباطاً أو جاءت عفوا . ومما ذكر في مخططاتهم تشجيع الانقلابات في كل البلاد , فدائماً ما يشجعون الانقلابات ويزرعون الفتن والقلاقل داخل الدول , ويشجعون الطائفة قليلة العدد على الانقلاب , وبعد عدة سنوات يشجعون انقلاباً آخر في نفس الدولة من طائفة أخرى , وهذه القلاقل المستمرة لن تحافظ على أي دولة من دول العالم مهما كانت قوتها سواء كانت مسلمة أو غير مسلمة.
واليهود لهم دور كبير في دول قد لا يفكر الإنسان في القراءة عنها ففي أوغندا وتشاد ومالي تجد لهم دوراً بارزاً في كل حدث, وقد تعجب عندما ترى يد اليهود تصل إلى جنوب أفريقيا , ولكن لاعجب فذلك تخطيط بعيد المدى ، لتحقيق نتائج معينة.
ويعمل اليهود على تشجيع الحروب بين الدول لكن بالمحافظة على الحدود الإقليمية لكل دولة حتى لا يتغير ميزان القوى في المنطقة , فتصبح إحدى الدول قوية ويتأثر اقتصاد اليهود بذلك , ومع تقدم اليهود الاقتصادي فإنهم يستطيعون تقديم مساعدات اقتصادية لهذه الدول ؛ ليتمكنوا بعد ذلك من الحُكْم فيها , عن طريق حكام مسلمين في الظاهر , ولكن في الواقع يتمكن اليهود من السيطرة الاقتصادية عليها , وقد وُضِعت كل هذه المخططات موضع التنفيذ منذ قرن مضى .
ومن مخططاتهم السيطرة على الصحافة , والمطَّلِع على الأمور في أمريكا يرى السيطرة الحقة لليهود على الصحافة، وللصحافة دور كبير في تغيير أي دولة فمن الممكن أن ترفع من شأن أي قائد أو تضع منه ,وقد تمدح في قانون ليكون أفضل قانون ,أو تذم في نفس القانون ليكون أسوأ قانون في العالم .
وكما جاء في البرتوكول الرابع: سنختار من بين العامة رؤساء إداريين ممن لهم ميول العبيد , ولن يكونوا مدربين على فنِّ الحكم ؛ولذلك من اليسير أن يُمْسَخُوا قطعاً من الشطرنج ضمن لعبتنا في أيدي مستشارينا العلماء الحكماء الذين دُرِّبُوا خصيصاً على حكم العالم منذ الطفولة المبكرة .
وينص البرتوكول السادس على احتكار الثروة , وأنه لابد لليهود من احتكار الثروة في العالم ,وتملك كل البنوك وكل الذهب, وهم يعملون على تنفيذ هذا المخطط منذ قرن مضى .
وفي البرتوكول التاسع يقولون : عليكم أن توجهوا التفاتاً خاصاً في استعمال مبادئنا إلى الأخلاق الخاصة بالأمة التي أنتم بها محاطون وعليكم ألا تتوقعوا النجاح خلالها في استعمال مبادئنا بكل مشتملاتها حتى يعاد تعليم الأمة بآرائنا( فلن يكتب النجاح لليهود إلا بعد تغيير أخلاقيات الأمة التي تحيط بهم على النهج الذي أرادوه) ، ولكن إذا تصرفتم بسداد في استعمال مبادئنا فستكتشفون أنه قبل مضي سنوات سيتغير أشد الأخلاق تماسكاً.
وفي البرتوكول الثالث عشر يقولون : إنما توافق الجماهير على التخلي والكف عما تظنه نشاطاً سياسياً إذا أعطيناها ملاهي جديدة . سنلهيها بأنواع شتى من الملاهي والألعاب ومُزْجيات الفراغ والمجامع العامة ,وسرعان ما سنبدأ الإعلان في الصحف داعين الناس إلى الدخول في مباريات شتى في كل أنواع المشروعات كالفن والرياضة وغيرها، هذه المتع الجديدة سَتُلهي ذهن الشعب حتماً عن المسائل التي سنختلف فيها معه . والواقع موجود في كل البلاد الإسلامية وبالنظر إلى بلادنا تجد الأزمة الاقتصادية الطاحنة وكذلك الأزمة السياسية وتجد الشعب لا يتكلم إلا عن مباريات الأهلي والزمالك فكل تفكير الناس في هذا الأمر ومُلْهَاة به , وتنسى الأزمات الطاحنة , وتنسى كل القضايا التي يختلف فيها اليهود مع المسلمين ويتكلمون في قضية يتفق العالم كله فيها كفريق البرازيل وأنه فريق جيد هذا بالنسبة للرياضة , أما بالنسبة للفن فالأمر أشد سوءًا , ولو استرجع كل منا الصحابة الذين ذكرناهم , وكم صحابيًا يعرف ؟ وكم فنانًا يعرف ؟ وما نوعية الفكر الذي أَتَشَرَّبُه؟ لوجد المصيبة عظيمة , ولعلم أنهم قد نجحوا في مخططهم أيما نجاح ؛ فقد اهتم الناس بسفاسف الأمور كالرياضة والفن ونسوا القضايا الأساسية كالسياسة وغيرها .
ويقول اليهود في البرتوكول الرابع عشر : يجب علينا أن نحطم كل عقائد الإيمان عند الأمميين (وهم غير اليهود) ، فاليهود يعلمون أن للإيمان قوةً كبيرةً جداً , وأن من يتسلح بسلاح الإيمان يستطيع الوقوف والتصدي للعوائق الضخمة , ومن الممكن أن ينتصر على أعداد مهولة , وكما ذُكِرَ في التاريخ أن عدد المسلمين كان- دائماً -أقلَّ من عدد عدوهم لكن عندهم عنصر مهم ذكره سيدنا عبدالرحمن هو أنهم لم يتغيروا عن إسلامهم , وبكسر عقيدة الإيمان في أي شعب يسهل أن يكون فريسة لأي شعب آخر حتى ولوكان من عَبَدَةِ الطاغوت , أومن الخنازير كاليهود وغيرهم .
وفي البرتوكول السابع عشر يقولون : الحَطُّ من كرامة رجال الدين عند غير اليهود للإضرار برسالتهم ( وفي الأفلام القديمة تجد تصوير العلماء بصورة هزلية ليغرس في نفوس الناس السخرية والاستهزاء تجاههم ، وإذا تكلم العالم بعد ذلك فَيُحمَل كلامُه على محمل العبث والسخرية , وذلك على العكس تماماً من الوضع عندهم ؛ فمعاركهم مع المسلمين كلها تنطلق من مُنطَلقَاتٍ دينية , ففي كل خطوات رؤسائهم تراهم يذكرون ما في التوراة المحرفة , وأنهم ينفذون تعاليمها , ومكتوب في الكنيست ( مجلس النواب الإسرائيلي ): "من النيل إلى الفرات" وهي آية من آيات التوراة المحرفة , ويعلنون عن هذا الأمر وليسوا كغيرهم من الأمم التي غيرها اليهود ليتبعوا ما أرادوه منهم وما خططوه لهم .
والخطط التي وضعها اليهود تسير في مسارها الصحيح فقد وضعوا خطة ليكون لهم وطن في فلسطين بعد خمسين عامًا وفي عام ثمانية وأربعين وبعد واحد وخمسين عاماً تحقق لهم ما خططوه وكان لهم وطن في فلسطين، وخططوا أيضاً ليكون لهم بعد مائة عام دولة من النيل إلى الفرات , وهم وإن لم يحققوا السيطرة العسكرية فقد حققوا السيطرة الاقتصادية والسياسية والفكرية والاجتماعية وأصبحت السيطرة لا تخفى على عاقل .
فهذه إحدى الفرق التي غيرت في المسلمين , ونحن لانريد بهذا الكلام أن نضخم حجم اليهود ونَحُطُّ من شأن المسلمين , أو أن نصور أن هذه هي النتيجة الطبيعية لحرب المسلمين واليهود , ولكن ذلك ناتج عن تخلي المسلمين عن دينهم , فلقد كان اليهود على نفس الوتيرة ونفس العقلية منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم وحتى هذا العهد الذي استطاعوا أن يغيروا فيه المسلمين هذه التغييرات، ولكنهم لم يستطيعوا أن يفعلوا ذلك إلا بعد الضعف الذي أصاب المسلمين ، فبدأ النشاط اليهودي يَقْوَى وينشط ويتضح لهم أثر وهذا انقلاب للموازين , ولكن إذا صلح أمر هذه الأمة يُطَبَّقُ كلام سيدنا عبد الرحمن بن ربيعة : "لا يزال هذا الأمر دائماً لهم , والنصر معهم حتى يغيرهم من يغلبهم " ولو استطاع المسلمون أن يغيروا ما بأنفسهم , ورجعوا إلى إسلامهم كان لهم الأمر من بعد ذلك ,ولغيروا اليهود وتكون لنا الغلبة عليهم كما كانت لنا الغلبة من قبل .
قصه الاسلام.......راغب السرجانى