إلى متى سيظل التغيير في مصر هبه من السماء .. ؟
عندما يدمن الشعب اليأس وهو الصبر المغلف بالمستحيل .. وعندما لا يثور ولا يبحث عن حقوقه الضائعة فإنه يبحث عن أي شيء ليبرر به فشله في تحقيق أحلامه فينقم على الأوضاع ويلعن كل شيء بسلبية غريبة فقط من أجل تفريغ الكبت والقهر والظلم .. وعندما يعود شعب لعبادة الأصنام وتقديسها وتلقين تعاليمها للأجيال يصبح أمامه عشرات السنين كي يخرج من الظلمات إلى النور .. أوليس الصمت الرهيب الذي يلف أرجاء مصر رغم كل ما يحدث لهذا الشعب صنم يُعبد ؟ .
فمصر تلك الدولة ذات التاريخ العظيم والتي تحيا بلا حاضر أصبح شعبها يحيا كالأموات .. لا يشارك في تغيير واقعه ولا يملك الرغبة أصلا فهذا الشعب لم يذكر التاريخ سوى أنه شعب تتغير الظروف من حوله ولا يتغير هو ولا يتزحزح أبداً .. يريد أن يحدث كل شيء أوتوماتكيا دون تدخل منه .. يريد أن تمطر السماء ذهباً وفضة وحرية أيضاً .
مصر الآن بلد الشيء الوحيد فيها الثابت هو النظام أما المرتبات والحريات والتعليم والعادات وغيرها فهي جامدة كالصخر تقاوم عوامل الزمن ومتغيرات الماضي والحاضر .. فقط يبقى النظام ولا يذهب إلا في حالة واحدة فقط هي غياب رأس النظام لأي سبب كان .. إنها نفس الهموم منذ خمسون عاما أو يزيد .. نفس السياسات و الإحباطات والوجوه لا شيء يتغير على الإطلاق .. ورغم ذلك مازال الشعب فاقدا لأدنى رغبات المقاومة ومساعدة المخلصين ممن يريدون أن يأخذوا
بيده ويساعدوه بصدق من أجل تغيير واقع مؤلم .. الأزمة تكمن في وجود نفس الكذابون والمرتشون والمنافقون والحاشية والمنتفعون ومع ذلك يخيم سكون غير طبيعي .. وكأن الناس مغيبة غير واعية بما يدور حولها وما يحدث لها .. وكأن الناس فقدت الإحساس بالزمان والمكان .. وكأن الأمر لا يعنيهم من الأساس .
إلى متى سيظل التغيير في مصر هبه من السماء؟ .. إلى متى سننتظر أن تهطل علينا الحرية من السماء؟ .. هل أصبحنا ضعفاء لهذه الدرجة هل أصبحنا مجرد أشباح؟ .. أكتب بقهر لم أشعر له بمثيل فما يحدث أمر ليس بالهين على الإطلاق كونه يتعلق بالتساؤلات اللا محدودة عن المستقبل المجهول فقد كشفت أزمة طوابير الخبز وغيرها عن قلق وخوف رهيب من المستقبل .. فلماذا نحمل كل هذا القلق على المستقبل ونحن مشاركين في صنع المجهول بصمتنا وتخاذلنا وضعفنا .. فمصر هي البلد الوحيد بالعالم الذي تشعر فيه بالغربة كما تشعر بها خارجه.. بلد ليست ملكا لشعبها خيراتها منهوبة .. ثرواتها مسروقة وكأننا تحت الوصاية .. تحت الاحتلال .. احتلال الفساد والفاسدين النفاق والمنافقين الحاشية وبلاطها وصبيانها ومريديها.
متى تستقيل الحكومة ؟ .. ومتى يحاسب المسئولين عن جرائمهم بحق الشعب ؟ .. ومتى نصبح دولة تدار من خلال نظام ومؤسسات وقوانين ؟ .. لماذا لا يحق للشعب أن يعلم عن أي شيء من كل شيء ؟ .. ولماذا لا يحق للشعب أن يكون هناك بديلا يرضى عنه في كل الانتخابات سواء انتخابات الرئاسة أو مجلسي الشعب والشورى أو حتى المجالس المحلية ؟ .. هل هي حسابات السلطة ومخططات الحاشية وسيناريوهات ما بعد الرئيس ؟ .. لماذا يتعاملون معنا على أننا عبيد ؟ .. ولماذا نتعامل معهم على أنهم ألهه؟ .. ولماذا نصمت رغم كل شيء مفزع حولنا ؟ .. لماذا الصبر رغم ضيق المعيشة على الناس لدرجة لا تطاق ؟ .. متى نصبح إيجابيين ولو لمرة ؟ .. هل ننتظر أن يموت الناس من الجوع ؟ .. متى يقول الشعب كلمته ؟ متى نتحرك بشكل إيجابي شرعي سلمي يؤدي لنتيجة ترضينا ؟.
إنه تحالف المال مع السلطة .. وتحالف السلطة مع الشيطان .. والشيطان هو أحد أحفاد إبليس .. وإبليس لا يأتي من وراءه إلا الشر .. إننا تحت مقصلة المجهول لا ندرى من سيحكمنا غداً أو ماذا سيحدث لنا غداً .. وليس لنا الحق في القبول أو حتى الرفض فنحن مسيرين .. وكأن قدرنا أن نظل هكذا شعبا بلا رأي ولا صوت ولا تأثير .. شعبا ينفصل عن حكامه وينفصلون عنه فلا هو يستطيع التأثير عليهم ولا هم يهتمون لأمره
وكأننا نسكن في بلدنا مفروشة .. فهل نقلع عن إدمان اليأس ونتحرك لتحقيق كل أحلامنا الضائعة؟