يظن آلاف العلماء والمهندسين الذين حشدتهم أكثر دول أوروبا أنهم على أعتاب فك لغز الكون ونشأته الأولى، وهذا من خلال تجربة توصف بالأغلى والأكبر، تهيأ فيها الظروف لمحاكاة نظرية ما يسمى بالانفجار العظيم الذي يعتقد بعض العلماء أنه بداية وسر نشأة الكون، والذي يقرون أنهم لا يرون سوى 4% منه، فيما يظل 96% بحسب زعمهم خارج نطاق الرؤية والإدراك.
الآلة الجبارة التي شيدت على مدار عقد من الزمان لذلك الغرض جرى إنشاؤها وتركيب مكوناتها على عمق يصل لمئة متر تحت الأرض داخل نفق دائري يمتد لـ 27 كم، وقد يبلغ سقف تكلفتها ونفقاتها نحو 10 مليارات دولار.
خلال الشهور المقبلة، يخطط العلماء لتحطيم جزئيات الذرة عن طريق اصطدامها بعضها ببعض، وذلك بإطلاق حزمتين متقابلتين من البروتونات في النفق.
التشغيل الرسمي لتلك الآلة التي يطلق عليها "معجل هادرون التصادمي" سيتم في الحادي والعشرين من أكتوبر المقبل، ورغم هذا شغل المعجل العالم وتصدرت أخباره وسائل الإعلام وجذبت اهتمام الجميع لأنه جرى تشغيل تجريبي له على نطاق ضيق في الأربعاء 10 سبتمبر الحالي، ووصف العلماء الحدث بأنه "كلل بالنجاح".
في التجربة التي ستتم بالقرب من جنيف على الحدود الفرنسية السويسرية، ومن خلال أجهزة بالغة التعقيد ستُطلق مئات الملايين من بروتونات الذرة وجزيئاتها بسرعة هائلة لم يتسن للعلماء الحصول عليها من قبل في تاريخ التجارب العلمية، ويتوقع العلماء أن ينتج عن هذا نحو 600 مليون تصادم بين الجزيئات في الثانية الواحدة، ويؤدي كل واحد من هذه التصادمات إلى انشطار آلاف الأجزاء من الجزيئات، التي سيتم رصدها وتسجيلها تمهيدا للتعرف عليها، بحيث تكون المحصلة النهائية للتجربة كما يعتقد العلماء إماطة اللثام عن السر الأعظم لنشأة الكون، وكل ذلك في إطار تفسيري من نظرية الانفجار العظيم "Big Bang" التي لم يقم دليل عليها، ولكنها تلقى قبولا حذرا أو مطلقا لدى كثير من المشتغلين في فيزياء الكون.