[ قرية مصرية مهددة باجتياح التيفود بعد «البرادعة» في غياب نظام للرصد الوبائي
> خبراء: قري الجيزة والغربية بها أسوأ مياه للشرب في مصر تؤدي للإصابة بالسرطان والتيفود والكوليرا والفشل الكلوي لاعتمادها علي مياه الآبار والمياه النظيفة لا تغطي سوي القاهرة والإسكندرية > تقرير رسمي: الصرف الصحي أهم مصدر لتلوث مياه الشرب ولن تصل خدمات الصرف إلي 11 % من القري قبل نهاية 2010 .. وتقرير دولي: مصر الأولي عالميا في الإصابة بالالتهاب الكبدي بسبب تلوث مياه الشرب و2020 سيشهد أعلي نسبة إصابة بالفشل الكلوي
نادية الدكروري
ليست قرية «البرادعة» الموبوءة بالتيفود من جراء تلوث مياه الشرب الوحيدة في مصر التي تعاني هذا التلوث فهي واحدة من بين 1165 قرية محرومة من خدمات الصرف الصحي وتعاني اختلاط مياه الشرب بالصرف نتيجة عدم تبعيتها للشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي التي أنشئت عام 2004 وعلي الرغم من تبعيتها لوزارة الإسكان فإنها ليست الجهة الوحيدة التي تقدم خدمات الصرف الصحي بل إنها مسئولة فقط عن شبكات الصرف العامة ولا تشمل أنشطتها تقديم تقنيات مستقلة للمنازل في المناطق الريفية التي تبعد عن هذه الشبكة.
لذلك تلجأ معظم القري إلي وسائل عشوائية للتخلص من الصرف، كما تؤكد نوال أبادير رئيس قسم الكيمياء بكلية العلوم جامعة حلوان، مما يؤدي لتلوث مياه الشرب عن طريق تسرب الصرف لها، بجانب قيام الأهالي بالأماكن المحرومة من مياه الشرب بعمل طلمبات علي عمق 6 أمتار من الأرضي أي أنها غير عميقة فتخرج مياهاً ملوثة.
و تقدر الطاقة الإنتاجية لمياه الصرف الصحي بحوالي 12 مليون متر مكعب يوميا ويصرف جزء كبير منها في نهر النيل أو الترع أو البحيرات أو البحار وقد بلغ عدد محطات معالجة مياه الصرف الصحي علي مستوي الجمهورية 239 محطة تنتج 8 ملايين متر مكعب يوميا من المياه المعالجة ويبلغ عدد الشركات التابعة للشركة القابضة التي تقوم بتشغيل محطات المعالجة حوالي 23 شركة، بينما وصل عدد المشتركين في خدمة الصرف الصحي إلي 4 ملايين مشترك فقط علي مستوي الجمهورية.
و يؤكد مغاوري دياب رئيس الجمعية العربية للمياه النقية أن الدولة تقدم للمصريين مياه الصرف ليشربوها بل في الصعيد يعتبرون نهر النيل هو صرفهم الصحي كما إن ترعة السلام 50 % منها صرف صحي وهذه المياه تدخل إلي محطات المياه وتعالج ثم نشربها ولا يجدون من يحاسبهم ويلجأ المواطنون إلي هذه المياه لعدم وجود بديل آخر للمياه أكثر أمانا.
ويذكر تقرير حالة البيئة لعام 2009 أن مياه الصرف من أهم مصادر تلوث المجاري المائية لما تحتويه من ملوثات بيولوجية وكيميائية مجمعة من 5 آلاف حوض بالقري النائية تصب مباشرة دون معالجة في شبكة المصارف الزراعية بالإضافة إلي وجود فجوة في تغطية شبكات الصرف الصحي بين المدن والقري فقد بلغت نسبة تغطية خدمة الصرف علي مستوي المدن بعد نهاية المشروعات الجاري تنفيذها بنسبة 100 %، أما علي مستوي القري فيصل إلي 11% بنهاية 2010 و40 % بحلول 2012.
أما عن شبكات رصد نوعية المياه فأوضح التقرير أن هناك 222 شبكة تتبع وزارة الري و154 موقعاً لرصد مياه النيل لوزارة الصحة و69 موقعاً لوزارة البيئة عن طريق معامل فروع جهاز شئون البيئة بالمحافظات، إلا أن هناك قصورا في برامج الرصد لاعتمادها علي القياسات التقليدية للمياه وعدم توفر البيانات الخاصة بالمبيدات والمعادن الثقيلة والهيدروكربونات الطفيليات الوبائية في معظم نقاط الرصد وافتقار معظم برامج الرصد الدورية الموجودة لقياسات الملوثات بالرسوبيات والأسماك والكائنات النباتية والحيوانية الدقيقة الموجودة بالمياه، علما بأنها المرآة الحقيقية للملوثات العضوية والمعادن الثقيلة.
بالإضافة إلي عدم وجود نظام موحد لأنظمة الرصد وطرق التحاليل بجميع الجهات حتي يمكن إجراء المقارنات بين نتائج الجهات المختلفة في مكان واحد والتأكد من دقة النتائج وجودتها بجانب عدم وجود نظام لمناقشة وتحليل النتائج ووضعها في الصورة الملائمة أمام متخذي القرار والمستفيدين وانعدام نظام لتبادل بيانات الرصد بين الجهات المختلفة بالصورة المناسبة وفي الوقت المناسب للاستفادة القصوي.
أما عن محطات التنقية فيؤكد أسامة أحمد أستاذ الكيمياء بالمركز القومي للبحوث أنه في حالة عدم عمل المحطات بكفاءة كاملة فستزداد البكتيريا والميكروبات الضارة والطفيليات لكن هناك بعض المواد العضوية الذائبة في الماء التي لن تستطيع المحطات إزالتها حتي إن كانت تعمل بكفاءة عالية وإزالتها تحتاج إلي مرشحات كربونية للمحطات فحبيبات الكربون تستقطب المواد العضوية ولكن بتكلفة أعلي.
بينما يطالب حمدي العويضي أستاذ تلوث المياه بالمركز القومي بعزل خطوط مياه الشرب عن الصرف الصحي حتي لا يحدث اختلاط بينهما بالإضافة إلي معالجة مياه الصرف بشكل سليم وفقا للمواصفات العالمية حتي يمكننا إلقاؤها بالمصارف ولكن للأسف تفتقد القري لهذه المعالجة السليمة وذلك لأن خدمات الصرف الصحي متوافرة بها بنسبة لا تتعدي 24% وبالتالي فإن محطاتها لن تتحمل. وتهدف استراتيجية مواجهة التحديات حتي عام 2017 لإمداد جميع المواطنين بمياه شرب نقية وزيادة تغطية السكان بشبكات الصرف الصحي وتبلغ اجمالي تكلفتها 145 مليار جنيه- بأسعار 2001 -حيث تختص وزارة الإسكان بحوالي 62% من هذه الاستثمارات، بينما تختص وزارة الموارد المائية بـ 32%، ومن المتوقع أن يقوم القطاع الخاص بحوالي 7.4% من هذه الاستثمارات، إذ تختص باقي الجهات بـ 2.0 % . ونتيجة لعدم توفر وتحمل شبكات الصرف الصحي بالقري واختلاطها بمياه الشرب تأتي قائمة من الأمراض والأوبئة التي يصاب بها الإنسان سواء فيروسية أو بكتيرية أو طفيلية ويتم اكتشاف تلوث المياه كما يقول محمد كامل أستاذ الميكروبيولجي وتلوث المياه عن طريق دلالات معينة وهي عبارة عن بكتيريا غير ممرضة وفي حالة وجودها بالمياه تدل علي وجود بكتيريا ممرضة فمثلا السالمونيلا يتم الاستدلال عليها ببكتيريا ايشيريشا كولاي 1 وتكون بسبب حدوث خلط مع مياه الصرف الصحي وبالتالي تصبح المياه غير صالحة للاستهلاك الأدمي قد تصيب بحمي التيفود والباراتيفويد والأخير أشرس لطول فترة بقائه داخل جسم الإنسان ويمكن أن ينتقل عبر اللمس بالإضافة إلي الدوسنتاريا وأمراض أخري خطيرة في شكل أوبئة. كما توجد بكتيريا تصيب بالإسهال والنزلات المعوية، أما الأمراض الفيروسية التي تنتقل عن طريق شرب المياه الملوثة فهي الالتهاب الكبدي A و فيروس شلل الأطفال. وتعد كل من القاهرة والإسكندرية أكثر المحافظات بها نوعية مياه عالية الجودة بينما تعاني قري الجيزة والغربية من تدني جودة المياه باعتبارهما أسوأ المحافظات، حيث لا يوجد لديهما معالجة للمياه بشكل سليم فتعتمد علي الآبار.بينما يشير جمال عثمان أستاذ تلوث المياه إلي أن هناك مرضًا آخر يسببه تلوث المياه بجانب الفشل الكلوي والسرطان وهو القرحة وهي ناتجة عن وجود ميكروب «هيليكوباركتر» وتتحكم البيئة المحيطة في نوعية الأمراض التي يصاب بها الإنسان وفقا لمدة تعرضه لتناول مياه شرب ملوثة ونوع البكتيريا الموجودة بالمياه، فمثلا زيادة الحديد والمنجنيز تؤدي للإصابة بالأمراض السرطانية لانسداد الخلايا ومنع تدفق الدم والأكسجين. بينما قد يصاب الإنسان نتيجة لتناوله مياه شرب ملوثة بالتسمم فوفقا لإحصائيات المركز القومي للسموم هناك أكثر من نصف مليون مصري يصابون بالتسمم سنويا نتيجة لتلوث مياه الشرب يموت منهم 5 آلاف سنويا.
وتنقسم الأخطار الناجمة عن تلوث مياه الشرب إلي أخطار قصيرة الأمد، حيث تناول كوب من المياه يمكن أن يصيب متناوله بجرثومات قصيرة الأمد أما الأخطار متوسطة وطويلة المدي فترتبط باستمرار استهلاك المياه الملوثة كيميائيا لأسابيع أو شهور أو سنوات ويصاب في هذه الحالة بالكوليرا والتيفود والتهاب الكبد الفيروسي A أو داء الجيارويان والاميبيات والتنيات، كما أن هناك أمراضاً يصاب بها الإنسان في حالة استخدام مياه ملوثة في النظافة الشخصية مثل الزهار المصري والإسهال المعوي والدودة الدبوسية والجرب وتعفن الجلد. بينما يؤكد تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة للإنماء والتنمية أن هناك 5 ملايين مصري يصابون بفيروس الالتهاب الكبدي الوبائي «سي» بسبب تلوث مياه الشرب ونسبة العدوي 70 ألف حالة سنويا منها 30 ألف حالة تتحور إلي التهاب كبدي مزمن، ومصر تحتل المرتبة الأولي عالميا في الإصابة بالمرض وتصل النسبة إلي 15 % من عدد السكان وأعلي نسبة إصابة بالمرض تتركز في الريف الذي يعاني من تلوث المياه واختلاطها بالصرف الصحي. وأكد التقرير أن عام 2020 سوف يشهد أعلي نسبة إصابة بمرض الفشل الكلوي لأن المرض يظل كامنا بجسم الإنسان فترة تتراوح ما بين 10 و20 عاما، وطالب التقرير الحكومة المصرية بالتدخل لعلاج أزمة تلوث المياه.
[/font][/font]