اليوم.. يبدأ عام جديد يقودنا إلي الألفية الثالثة ونطوي صفحات قرن مضي تخللته أحداث جسام هزت العالم وأخذت مكانا بارزا في سجل التاريخ.. وشهد العالم العربي في بدايات القرن العشرين هجمة استعمارية شرسة تواصلت من القرن التاسع عشر تحركها الأطماع البريطانية والفرنسية في أراضي وممتلكات الامبراطورية العثمانية بعد انهيارها وتعرضت معظم المنطقة العربية للتقسيم والاحتلال من جانب البريطانيين والفرنسيين والإيطاليين والأسبان وفجر الظلم والاستبداد ثورات التحرير بفعل تنامي المقاومة الوطنية بقيادة زعماء ومناضلين بارزين دخلوا التاريخ من أوسع أبوابه وفي مقدمتهم المناضل الليبي عمر المختار.. ونجح الاستعمار في زرع إسرائيل في قلب الوطن العربي كشوكة في ظهر العرب وأقام أرثر روبين ممثل المنظمة الصهوينية في فلسطين مكتبا بمدينة يافا الفلسطينية عام1908 مهمته إعداد تقارير عن عمليات استيطان اليهود والإشراف عليه ثم أصدر جيمس بلفور وزير خارجية بريطانيا وعده المشئوم في عام1917 بالسماح لليهود بإقامة وطن قومي لهم في فلسطين وقامت الدولة الإسرائيلية بعد حرب1948 وخاضت ثلاث حروب أخري مع العرب الذين عانوا الكثير من المجازر والمآسي والويلات والآلام علي مدي نصف قرن من الزمان بسبب الوجود الاسرائيلي.. وكما فجرت قورة يوليو المصرية المشاعر الوطنية في الدول العربية وفتحت الباب أمام حركة التحرر من الاستعمار وإعلان الاستقلال فإن حرب أكتوبر حطمت الأسطورة الاسرائيلية والجيش الذي لا يقهر وأثبت العرب أن بإمكانهم أن يفعلوا المعجزات إذا توحدوا واستغلوا الامكانات الهائلة التي لديهم..
المناضل الليبى عمر المختار وملحمة بطولية فى مقاومة الاستعمار الايطالى
ولاشك أن حرب أكتوبر التي كانت الضربة الجوية الأولي فيها بقيادة حسني مبارك العامل الأول في إحراز النصر العربي وتحطيم خط بارليف وتساقط الحصون الاسرائيلية مهدت الطريق إلي اتفاقيات السلام مع اسرائيل ابتداء من كامب ديفيد في عام1979 إلي أوسلو في1993( كأول معاهدة سلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين) ثم وادي عربة في1994 وحتي استئناف المفاوضات السورية الاسرائيلية التي تبدأ جولتها الثانية غدا.
ومن يقلب صفحات التاريخ العربي في القرن العشرين لابد وأن يتوقف عند أول غزو ايطالي لليبيا من1911 وتوقيع بريطانيا وفرنسا إتفاقية سباكس ميكو الشهيرة التي تم بموجبها تقاسم أراضي الامبراطورية العثمانية بين البلدين ووعد بلفور المشئوم الذي فتح الباب أمام اليهود لإقامة وطن قومي لهم في فلسطين وفجر الصراع العربي ـ الاسرائيلي وثورة حائط البراق( المبكي) في1929 وثورة1936 بقيادة أمين الحسيني ضد هجرة اليهود واندلاع أول حرب بين العرب واسرائيل في1948 ثم مجزرة دير ياسين وبداية لجوء الفلسطينيين إلي الدول العربية وبدء ثورة المليون شهيد في الجزائر في1954 وإعلان الوحدة بين مصر وليبيا في1958 وبدء الثورة الفلسطينية المسلحة وصدر أول بيان لمنظمة فتح في1965 وحريق القدس في1969 والمعارك العنيفة بين القوات الأردنية والمقاومة الفلسطينية وأحداث آيلول الأسود في1970 وبدء الحرب الأهلية المدمرة في لبنان1974 والغزو الاسرائيلي للبنان في1980 ومذبحة صبرا وشاتيلا في1982 وخروج الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات من بيروت والضربة الجوية الأمريكية لليبيا في1986 والغزو العراقي للكويت في2 أغسطس1990 في السابقة الأولي التي تحتل فيها دولة عربية دولة أخري وأوجدت شرخا في جدار الأمة العربية وجرحا غائرا لم يندمل حتي الآن وأيضا تحرير الكويت في1991 ثم مأساة الشعب العراقي بسبب الحصار المفروض عليه منذ9 سنوات ووفاة مليون وربع مليون مواطن عراقي حتي الآن بسبب هذا الحصار الجائر بالإضافة إلي الضربات الجوية الأمريكية البريطانية المستمرة وتدمير دولة وشعب يدفع ثمن أخطاء نظام الحاكم.. كما أن حرب الجنوب في السودان والحرب الأهلية في الصومال والمجاعات التي تنتشر وتحصد أرواح الأبرياء وتزيد من الآلام العربية والمشاكل الانسانية التي تبحث عن حل.
جميلة بوحريد وقصة كفاح ضد الاحتلال الفرنسى
ويمكن القول إن القرن الذي مضي هو قرن الاستعمار وحركات النضال وثورات التحرير العربية والوجود الاسرائيلي والانقلابات العسكرية والخلافات العربية ـ العربية التي لم تحل حتي الآن وتفجرت بشكل بارز في العقد الأخير وزادت الهيمنة الأمريكية والمؤثرات الغربية والاسرائيلية في المنطقة والاستعمار الاقتصادي الجديد للسيطرة علي منابع النفط والثروات الطبيعية في ظل العولمة وإطلاق حرية التجارة وفتح الأسواق أمام جميع البضائع.. وقد كشفت الدول القوية والغنية بقيادة واشنطن عن نيتها الحقيقية في مؤتمر سياتل الأخير بالتحكم في قواعد وأصول اللعبة القائمة بعيدا عن مفهوم ومنطق المساواة العادلة بين الأطراف والتحكم في مصير135 دولة عضوا في منظمة التجارة العالمية ولذلك تمردت الدول النامية فانهارت المحادثات وفشل المؤتمر ولذلك فإن الاخطار السياسية والاقتصادية تحيط بالدول العربية من كل جانب والتي مازالت ملفات مشكلاتها مفتوحة وهي تعبر إلي القرن الجديد.. وقد وضعت قمة القاهرة الأخيرة التي عقدت في يونيو1996 برئاسة مبارك الأسس الكفيلة بحل الخلافات العربية وإنشاء السوق المشتركة لمواجهة كل هذه المخاطر والتحديات في عصر التكتلات التي تفرض كلمتها.. ويبقي الأمل قائما في خطوات إيجابية علي طريق تحقيق الأحلام العربية علي أرض الواقع في الألفية الثالثة.
منقول عن جريده الاهرام 2000/1/1
وبعد 100 سنه
-بأذن الله-
هكتب في نفس الموضع لاننا لان نتغير وهتفضل نفس المشاكل هي هي