يقول الله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾
إذن الحكمة من الصيام هي تقوى الله عز وجل، بمعنى لعل صومنا هذا يجعلنا نتقى الله في كل شيء
وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت يا رسول الله: لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال : ((ذاك شهر تغفل الناس فيه عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يُرفع عملي وأنا صائم)) [رواه النسائي]. وصححه الألباني.
إخواني..... هذا فضل الصيام في شهر شعبان. فأوصيكم ونفسي بكثرة الصيام في هذا الشهر لعل الله يتقبل منا ومنكم.
لعلكم تقولون .... حرام عليك، كفاية شهر رمضان، حنصوم كمان في شعبان والجو صيف والجو حار والدين يسر.
ولكني أخاطب هنا أصحاب الهمم العالية الذين لا يبتغون سوى الفردوس بديلا.
أخاطب من هم أرواحهم تحوم حول عرش الرحمن يبتغون تجارة لن تبور.
أخاطب من هم قلوبهم وأرواحهم في جنات النعيم وأجسادهم على الأرض.
أخاطب الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله.
أخاطب الذين يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون.
أخاطب من هم أنفاسَهم تسبح بحمد الله بكرة وأصيلا.
وأنا أعلم علم يقين أن هذه الشركة مليئة بهؤلاء. فلماذا أخي / أختاه لا تكونوا منهم؟
أخي/ أختاه هل تعتقدون أن الأمر محال لا نستطيع فعله؟ كلا والله إن الأمر ليسير جدا وسهل جدا، ولكنه يحتاج إلى إخلاص نية وصدق مع الله وقليل من الجهد والهمة.
والله الذي لا إله إلا هو... لو تعلمون فضل الصيام لتمنيتم أن تكون السنة كلها رمضان.
يقول العلامة ابن القيم – قدس الله روحه - : " الصوم جنة من أدواء الروح والقلب والبدن؛ مَنافِعُه تفوت الإحصاء، وله تأثير عجيب: في حفظ الصحة، وإذابة الفضلات، وحبس النفس عن تناول مؤذياتها، ولاسيما: إذا كان باعتدال وقصد في أفضل أوقاته شرعاً، وحاجة البدن إليه طبعاً، ثم إنّ فيه: من إراحة القوى والأعضاء ما يحفظ عليها قواها، وفيه خاصية تقتضي إيثاره، وهي: تفريجه للقلب عاجلاً وآجلاً، فهو أنفع شيء لأصحاب الأمزجة الباردة والرطبة، وله تأثير عظيم، في حفظ صحتهم .
وهو يدخل في الأدوية الروحانية والطبيعية، وإذا راعى الصائم فيه ما ينبغي مراعاته طبعاً وشرعاً، عظم انتفاع قلبه وبدنه به، وحبس عنه المواد الغريبة الفاسدة التي هو مستعِدّ لها، وأزال المواد الرديئة الحاصلة بحسب كماله ونقصانه ويحفظ الصائم مما ينبغي أن يتحفظ منه، ويعينه على قيامه بمقصود الصوم وسره وعلته الغائية .
وكان السلف رحمهم الله يتصيدون أشد الأيام حرارة ليصوموا، ونحن اليوم نعيش في مكيفات ولا نستطيع الصوم فلا حول ولا قوة إلا بالله.
ولو نظرنا نظرة واقعية على يومنا ستجدون أننا لا نصوم سوى أربع أو خمس ساعات فقط. فمثلا
أصحاب الوردية الصباحية يستيقظون الساعة السابعة ثم يأتون إلى الشركة ويجلسون في مكيفات حتى الرابعة ثم يرجعون إلى بيوتهم وينامون حتى الثامنة..... فبالله عليكم أين الجوع والعطش في يوم كهذا. وهذا في الغالب اللهم إلا من كان عنده ظروف خاصة.
وهكذا أصحاب الورديات الأخرى
اللهم أعنا على صيام بعض من شهر شعبان، وبلغنا شهر رمضان، وأقبل منا صلاتنا وصيامنا وسائر أعمالنا، إنك نعم المولى ونعم النصير.