وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " البدعة هي التعبد لله عز وجل بغير ما شرع . وعلى هذا فالبدع لا تدخل في غير العبادات ، بل ما أُحدث من أمور الدنيا ينظر فيه هل هو حلال أم حرام ، ولا يقال إنه بدعة . فالبدعة الشرعية هي أن يتعبد الإنسان لله تعالى بغير ما شرع يعني الذي يسمى بدعة شرعاً ، وأما البدعة في الدنيا فإنها وإن سميت بدعةً حسب اللغة العربية فإنها ليست بدعةً دينية بمعنى أنه لا يحكم عليها بالتحريم ولا بالتحليل ولا بالوجوب ولا بالاستحباب إلا إذا اقتضت الأدلة الشرعية ذلك . وعلى هذا فما أحدثه الناس اليوم من الأشياء المقربة إلى تحقيق العبادة لا نقول إنها بدعة وإن كانت ليست موجودة ، من ذلك مكبّر الصوت . مكبر الصوت ليس موجوداً في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لكنه حدث أخيراً إلا أن فيه مصلحة دينية يبلغ للناس صلاة الإمام وقراءة الإمام والخطبة ، وكذلك في اجتماعات المحاضرات فهو من هذه الناحية خير ومصلحة للعباد ، فيكون خيراً ، ويكون شراؤه للمسجد لهذا الغرض من الأمور المشروعة التي يثاب عليها فاعلها .
ومن ذلك ما حدث أخيراً في مساجدنا من الفرش التي فيها خطوط من أجل إقامة الصفوف وتسويتها فإن هذا وإن كان حادثاً ولكنه وسيلةٌ لأمرٍ مشروع ، فيكون جائزاً أو مشروعاً لغيره، ولا يخفى على الناس ما كان الأئمة الحريصون على تسوية الصفوف يعانونه قبل هذه الخطوط ، فكانوا يعانون مشاكل إذا تقدم أحد ثم قالوا له تأخر. تأخرَ أكثر ثم قالوا له تقدم. تقدم أكثر يحصل تعب . الآن والحمد لله يقول الإمام : سووا صفوفكم على الخطوط ، توسطوا منها ، فيحصل انضباطٌ تام في إقامة الصف . هذا بدعة من حيث العمل والإيجاد ، لكنه ليس بدعة من حيث الشرع ؛ لأنه وسيلة لأمرٍ مطلوبٍ شرعاً " انتهى من "فتاوى نور على الدرب".
هذا وينبغي لمن لم يقنع بهذا الكلام ، وأصر على قوله ببدعية الخط في المسجد ، أن يبين رأيه للإمام ، من باب النصيحة ، ثم يمسك عن إثارة الخلاف داخل المسجد ، لأن الإمام في حال وضعه للخطوط ، يكون قد أخذ بقول معتبر ، فلا وجه للإنكار عليه ، بل هذا القول هو الصواب كما سبق .
والله أعلم .محمود المتولى شرح كتاب الفقه سؤال وجواب