وقال ابن حجر في مقدمة الفتح : ( قوله كث اللحية : أي فيها كثافة واستدارة وليست طويلة ).
وقال المناوي في فيض القدير : ( كث اللحية وفي رواية أم معبد " كثيف اللحية " لا دقيقها ولا طويلها ، وفيها كثافة كذا في النهاية ، وفي القاموس كثة الغرماء أصولها وكثفت وقصرت وجعدت ولذا روي كانت ملتفة ، وفي شرح المقامات للشريشي كثة : كثيرة الأصول بغير طول ويقال للحية إذا قص شعرها وكثر إنها لكثة ، وإذا عظمت وكثر شعرها قيل إنه لذو عشنون ، فإذا كانت اللحية قليلة في الذقن ولم يكن في العارضين فذلك السنوط والسناط ، وإذا لم يكن في وجهه كثير شعر فذلك الشطط ) .
وقال السندي : ( كث اللحية : أي غليظها ) .
ويؤكد ذلك ما جاء في وصف وجهه صلى الله عليه وسلم بالاستدارة واعتراض البراء على من وصفه بالطول فقد روى البخاري عن البراء أنه سئل عن وجه الرسول صلى الله عليه وسلم مثل السيف ؟ قال : لا بل مثل القمر )
قال ابن حجر : (كأن السائل أراد أنه مثل السيف في الطول فرد عليه البراء فقال بل مثل القمر أي في التدوير ).
ولا يعارض ما قلناه ما روى البخاري
عن أبي معمر قال قلنا لخباب أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر قال نعم قلنا بم كنتم تعرفون ذاك قال باضطراب لحيته)
فإن رؤية اللحية من الخلف لا يستلزم طولها ، ولا عرضها ، بل الأمرد يرى خده من خلفه ، كما أن اضطراب اللحية أيضاً لا يستلزم ذلك لأن الاضطراب هو تحركها عند القراءة وهذا راجع لتحرك اللحيين بالنطق فلما كان الشعر مغطياً لهما عبر بهذا التعبير لأن اللحية هي المشاهدة في هذه الحالة.
تنبيــه :
ذكر بعض الأئمة في وصفه صلى الله عليه وسلم أن لحيته كانت تملأ صدره . ذكر ذلك القاضي عياض في الشفا ، والشيخ محمد المختار الشنقيطي في شرحه على سنن النسائي وقد ذكروا ذلك بدون نسبة أو تخريج لمصدره.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
8-- فيض القدير ( 5/81) .
9- حاشية السندي على سنن النسائي ( 5/87).
10- فتح الباري ( 6/573) .
11- فتح الباري (1/260) .
12- الشفا بتعريف حقوق المصطفى (1/60) .
13- شروق أنوار المنن الكبرى الإلهية بكشف أسرار السنن الصغرى النسائية (1/167)
__________________
" نحن قوم أعزنا الله بالإسلام ومهما أبتغينا العزة بغيره أذلنا الله "
يقول ابن القيم عليه رحمة الله : (( وأيُّ دين، وأي خيرٍ فيمن يرى محارم الله تنتهك، وحدوده تُضيع ودينه يترك وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم يرغب عنها، وهو بارد القلب ساكت اللسان شيطان أخرس، كما أن المتكلم بالباطل شيطان ناطق ))